نضع في الأسطر التالية رأينا ووجهة نظرنا بحرص وصراحة ووضوح؛ بالنظر لإزدياد حالات التدخلات المباشرة وغير المباشرة؛ وعبر أكثر من طريقة ووسيلة في شؤون بعض محافظات الجنوب؛ حتى وإن حاولت بعض الأطراف تبرير تدخلاتها بعناوين الدعم وتقديم المساعدات الهادفة لإستقرار الأوضاع؛ وحرصها على التعامل مع جميع ( الأطراف ) التي تطلب منها ذلك وبحجج ومبررات غير مقنعة.
بما فيها مع الأسف تلك التي تشكل تهديدا للأمن والإستقرار في هذه المحافظة أو تلك من محافظات الجنوب؛ وتمثل بأنشطتها خروجا عن النظام والقانون وعن صلاحيات ومسؤولية السلطات المحلية في تلك المحافظات.
إن أهم دعم ومساعدة يمكن أن يقدمها الأشقاء والأصدقاء في هذه الظروف لتلك المحافظات - إن صدقت النوايا - هو تشجيع كل الأطراف للحوار فيما بينها وصولا للتفاهم والتوافق بين تلك الأطراف؛ خدمة لإستقرارها والحفاظ على تماسك نسيجها الإجتماعي؛ وستكون مهمة نبيلة سيشكرون عليها؛ وليس بوسائل وأشياء أخرى.
ولقد سبق لنا وأن دعونا بصدق وإخلاص للتعامل مع الجنوب بكونه كيانا واحدا؛ يجسد وطنا وهوية جامعة لكل أهله؛ حتى وإن تمايزت بعض الخلفيات التاريخية والخصوصيات المحلية وتعددت في إطار مناطقه ومحافظاته المختلفة؛ وأي تجاوز لهذه الحقائق أو تجاهلها؛ فسيكون لذلك إنعكاسات سلبية على علاقات شعبنا مع أشقائه في بعض دول الجوار أو في غيرها؛ وهو ما لا نتمنى حدوثه.
وأجد نفسي هنا مضطرا لإعادة بعض ما سبق لنا التعبير عنه في موضوع سابق ومن باب التذكير؛ لعل رأينا هذا يجد من يتفهمه ويستوعبه في هذه الظروف الحساسة والدقيقة إقليما ودوليا؛ والتي تحتاج فيها منطقتنا للإستقرار والتعاون أكثر من أي وقت مضى؛ لا لخلق بؤر توتر جديدة.
فهناك اليوم من ينظر للجنوب ويتعامل معه وكأنه مجرد جغرافيا؛ أو بقعة محددة على خارطة العالم؛ يمكنهم تعديلها وإستقطاع جزء منها ودمجه بجغرافية هذا الجار أو ذاك - مع جعل سكانها مجرد أتباع - إن تحقق لهم ذلك.
إن موقف كهذا لهو تعبير عن غياب الحكمة وحضور التهور؛ وهو خطأ جسيم في الحسابات عند من يرغبون بمحو الحدود التاريخية الفاصلة؛ وتخطي فاضح لحقائق الجغرافيا والتاريخ؛ وعناق الزمان والمكان إنسانيا ووطنيا وإجتماعيا في جنوبنا الحبيب.
فالجنوب ليس بقعة من أرض؛ بل هو تاريخ وهوية ووطن؛ ولوحة منقوشة بوشم العشق الأصيل والإنتماء المتجذر العميق في عقول ووجدان وضمير كل الجنوبيين الأحرار.
ولأن الأمر كذلك عند أبناء شعبنا الجنوبي العظيم؛ فإن كل المحاولات التي تستغل الأوضاع الصعبة المؤقتة التي يمر بها الجنوب اليوم؛ والتي تستهدف كيانه وتاريخه وهويته الجامعة؛ وبطرق ووسائل عدة لم تعد بخافية على شعبنا؛ والذي سوف ينهض موحداً ويقاوم وبكل الطرق والوسائل الوطنية المشروعة؛ كل خطط التآمر المفضوحة عليه وعلى مستقبله.
فالجنوب لديه من الكرامة الوطنية ما يكفيه لأن يدافع عن حريته ومستقبله وخياراته الوطنية؛ وبإرادة حرة تمكنه من نيل حقوقه وتحقيق أهدافه وتطلعاته الوطنية المشروعة.
فشعبنا وهو يخوض كفاحه الوطني المجيد؛ لا ينشد غير إستعادة حقوقه المشروعة؛ وليس لديه أي نزعة عدوانية ضد أشقائه أو التعدي على حقوقهم؛ بل أن كل ما ينشده هو إقامة علاقات طبيعية متينة مع الجميع دون إستثناء.
ويسعى مخلصا لتنمية وتوطيد كل أشكال التعاون المثمر المتعدد الأوجه والميادين والمجالات؛ وتعزيز أواصر الأخوة والتعامل الأمثل الذي تفرضه قواعد حسن الجوار والمصالح المشتركة؛ ولا يطمح بأكثر من التعامل معه على هذه الأسس التي تصب في مصلحة الجميع؛ وتفتح الآفاق لتعاون أوسع وأشمل حاضرا ومستقبلا.