في مشهد سياسي يزداد اثارة يومًا بعد يوم، وجدت حضرموت نفسها في قلب حملة إعلامية مشوشة، ومضللة شنتها أطراف لا تنتمي لحضرموت، في محاولة لإفشال توجهات أبناء حضرموت نحو إدارة شؤونهم بأنفسهم، وتحقيق تطلعاتهم في الحكم الذاتي، و المضي نحو الاستقلال.
بدأت هذه الحملة بأصوات خافتة، تروّج لروايات مشككة في نوايا الحراك الحضرمي، مدعيةً زورًا أن هذه التحركات ليست إلا مؤامرات خارجية أو مشاريع شخصية مدفوعة بأجندات لا تخدم الجنوب. وسعت بعض المنصات إلى تشويه الرموز الحضرمية الفاعلة، بينما لم يخرج من حضرموت سوى صوت واضح: حضرموت لأهلها، وتقرير المصير حق لا يمكن مصادرته، ومع تصاعد زخم الأصوات الحضرمية المطالبة بتمكين المحافظة من مواردها وقرارها، تحوّل الهجوم إلى سيل من البيانات والمواقف والتصريحات المشحونة بالتشويش والتزييف.
لم يكن الهجوم يستند إلى حقائق أو إلى قراءة واقعية لمعاناة حضرموت المزمنة من التهميش والاستغلال، بل إلى محاولات لخلط الأوراق، متناسين أن الوحدة لا تُفرض بالإكراه، وأن الشراكة الحقيقية تبدأ من احترام إرادة الشعوب.
اللافت أن هذه الحملة لم تحظَ بتأييد شعبي واسع داخل حضرموت، بل ولّدت استياءً واسعًا حتى من قبل شخصيات جنوبية كانت تأمل في تقارب أخوي قائم على الاحترام المتبادل. وكأنما أي حديث عن الحقوق في اليمن لا بد أن يُقابل بالتخوين أو الكبت.
إن الهجوم الذي شنته بعض القيادات الجنوبية التي تنتمي لحضرموت، بن بريك و الكثيري و باكريت واخرين لن يكون إلا محاولة يائسة لاحتواء طموح لا يمكن وقفه، وسيكون مصيرهم الفشل، كما فشل العطاس والبيض وغيرهم من القيادات التي كانت أدوات لدولة الجنوب ضد حق حضرموت سابقا. ان القيادات الجنوبية المعاقة عقليا لم تتعلم من أخطائها السابقة، بل انها تكاد تكون قد ورثت الإعاقة العقلية، حيث يغلب عليها المزاج الشخصي في التلاعب بقضايا الشعوب ابتداء بفرض تسمية جنوب اليمن ثم قالوا اخطاءنا، فاسموه جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ثم عادوا وقالوا الجمهورية اليمنية، ثم قالوا الجنوب العربي، ثم قالوا الجنوب العربي الاتحادي، ثم جمهورية حضرموت الاتحادية، كلها بمزاج شخصي يشبه حالة السكر.
حضرموت اليوم، وهي تسير نحو مستقبل يقرره أبناؤها، لا تبحث عن العداء مع أحد، لكنها في الوقت ذاته لن تسمح بتكرار تجربة الاستلاب السياسي من جديد. ومع كل محاولة تشويش، تزداد قناعة الحضارم بعدالة قضيتهم، وتتعزز عزيمتهم على المضي قدمًا في تحقيق تطلعاتهم، التعاطي مع تطلعات حضرموت لا يجب أن يكون بمنطق السيطرة أو الإلغاء، بل يجب أن يكون مدخلًا جادًا لمراجعة العلاقة بين حضرموت والجنوب على أساس الندية والاحترام المتبادل، وإن تجاهل هذا الواقع لن يؤدي إلا إلى المزيد من العداء للجنوب، ومن هنا، فإن الرد الحقيقي على طموح حضرموت لا يكون بالتشويش، بل بالحوار، لا بالتزييف، بل بالاعتراف الصريح بحقها في أن تكون ما تريد أن تكون.
حينما تتحول المطالبة بالحق إلى تهمة، وتُواجه الأصوات الحرة بالتشويه، نعلم أن مشروعًا كبيرًا يحاول أن يُولد من رحم المعاناة، وسيترتب على ذلك انه سيرحل كل أعداء حضرموت، وستبقى أسماؤهم في سجلات المحظور عليهم دخول دولة حضرموت.
في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت وتيرة الهجوم الإعلامي والسياسي الذي شنّته بعض أطراف الجنوبية – ضد التوجه الشعبي في حضرموت للمطالبة بالحكم الذاتي، والتطلع إلى إدارة المحافظة من أبنائها أنفسهم، بعيدًا عن الوصاية السياسية والعسكرية.
منصات ووجوه معروفة بدأت فجأة بترديد اتهامات جاهزة، تصف طموحات حضرموت بأنها "مؤامرة"، و"انشقاق"، وحتى "خيانة "، في وقت لم ترفع فيه حضرموت سوى شعار واحد: نحن من نقرر مصيرنا.
هذه الحملات الإعلامية لم تنطلق من قراءة منصفة للواقع، بل من خوف عميق من فقدان السيطرة. فمنذ سنوات، عانت حضرموت من التهميش، ومن استغلال مواردها لصالح أطراف لا تمثلها، والآن، حين قرر أبناؤها الوقوف والمطالبة بحقوقهم، جرى استقبالهم بالتخوين!، والهجوم الشرس على حضرموت يعكس طريقة التفكير الإستبدادي، والهيمنة والإقصاء التي تختفي داخل المشروع الجنوبي.
اليوم، تقف حضرموت على عتبة مرحلة جديدة، لا تخلو من التحديات، لكنها مفعمة بالإصرار، لقد جُرّبت الوصاية، وجُرّب التهميش، وحان وقت التغيير، أما محاولات التشويش والتزييف، فسرعان ما تسقط أمام وعي الناس، وسيتضح أن الصوت الحضرمي، لم يكن يومًا نشازًا، بل نغمة أصيلة في لحن نشيد دولة حضرموت، تطالب فقط بأن تُسمع، وأن تُحترم.