آخر تحديث :الإثنين-16 يونيو 2025-09:58ص

العدو الأخضر الذي يهدد أرض أبين: دعوة لاستبدال المسكيت بالسدر… شجرة الحياة

السبت - 26 أبريل 2025 - الساعة 07:07 م
م. عبدالقادر خضر السميطي

بقلم: م. عبدالقادر خضر السميطي
- ارشيف الكاتب



بسم الله الرحمن الرحيم


من دلتا أبين العريقة، ينبعث نداءٌ عاجل لإنقاذ أرضها الخصبة من خطر يزحف بثبات: شجرة المسكيت، العدو الأخضر الذي اجتاح المساحات الزراعية، وحوّل السهول والمراعي إلى أرض قاحلة. واليوم، تبرز الدعوة إلى استبدالها بشجرة السدر المباركة، رمز الخير والحياة.


شجرة المسكيت… وصف ونشأة


الاسم المحلي: المسكيت أو السيسبان (The Mesquite)

الاسم العلمي: Prosopis juliflora

العائلة: الأكاسيا (ويُصنّفها بعض العلماء ضمن البقوليات)

الموطن الأصلي: أمريكا اللاتينية – البيرو


تتسم هذه الشجرة بنموها السريع، وارتفاعها الذي يصل إلى 12 مترًا مع جذعٍ قد يصل قطره إلى 120 سم. وتمتد جذورها إلى أعماق مذهلة تصل إلى 53 مترًا تحت الأرض. تنتج قرونًا صفراء تحتوي على بذور تبقى حيّة لأكثر من عشر سنوات، مما يجعل انتشارها أمراً يصعب السيطرة عليه.


شجرة عدوانية تجتاح الطبيعة


تُصنّف المسكيت ضمن قائمة الأنواع الغازية، حيث تنمو بطريقة شرسة تدمّر الغطاء النباتي المحلي والكائنات الحية المرتبطة به. وفي دلتا أبين، كانت نتائج اجتياحها كارثية:

• تصحر آلاف الأفدنة الزراعية، مع تقديرات بخروج أكثر من 8000 فدان عن الإنتاج.

• تقليل تدفق السيول وتغيير مجاريها الطبيعية.

• القضاء على المراعي وأشجار الفواكه.

• توفير مأوى للكائنات الضارة كالزواحف والحشرات.

• تسميم البيئة الزراعية عبر إفراز مواد كيميائية تمنع نمو النباتات الأخرى (ظاهرة التضاد البيوكيميائي).


هل يمكن التخلص من المسكيت؟


نعم، وبفاعلية، عبر مجموعة من الإجراءات:

1. القطع والإحراق: مع معالجة الجذوع بالأسفلت أو زيت المحركات المحترق لمنع إعادة النمو.

2. الاقتلاع بالجرافات: واستخدام الخشب الناتج لإنتاج الفحم، حيث ينتج الفدان أكثر من طن واحد.

3. التوعية المجتمعية: بضرورة التصدي للفهم الخاطئ الذي يروّج لفوائد المسكيت.


البديل المنشود: السدر.. شجرة الحياة


نقترح بقوة زراعة شجرة السدر المباركة في الحقول وعلى حواف الوديان والطرقات، لما لها من مزايا بيئية وزراعية واقتصادية ودينية:

• بيئيًا: توفر الظل والمأوى للكائنات النافعة.

• زراعيًا: قليلة الاستهلاك للمياه وسهلة الزراعة.

• اقتصاديًا: إنتاج عسل السدر، الذي يُعد من أجود أنواع العسل عالميًا.

• دينيًا وطبيًا: شجرة مباركة ذُكرت في القرآن والسنة، ولها استخدامات طبية عديدة لعلاج الأمراض.


قال الله تعالى: “في سِدرٍ مخضود” (الواقعة: 28)

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من قطع سدرًا صوب الله رأسه في النار” (رواه أبو داود)


نداء إلى الجميع


أتوجه بهذه الدعوة إلى:

• السلطة المحلية بمحافظة أبين ممثلة باللواء أبو بكر حسين

• هيئة التخطيط الدولي والمنظمات التنموية

• الجمعيات الزراعية ومراكز البحث والإرشاد الزراعي


لتبني مشروع واسع لزراعة السدر واستبدال المسكيت به، تحت شعار:


“دلتا أبين… أرض عسل السدر الأفضل في العالم”


تحذير إضافي: خطر الدمس قادم


نُحذر من التوسع في زراعة شجرة الدمس (الكونوكاربس)، القادمة من السعودية، التي تسببت في:

• اختراق أنابيب المياه والصرف الصحي.

• إضعاف أساسات المباني.

• انتشار روائح كريهة والتسبب بأمراض الربو والحساسية.


لذا نرجو تجنب استخدامها كشجرة زينة في الشوارع.


مقترح داعم


يمكننا تنويع الغطاء النباتي إلى جانب السدر بزراعة:

• النيم

• التمر الهندي

• الديمن

• المورينجا

• اللبخ

• البلتيفورم

• البونسيانا

• التيكوما

• العناب


وغيرها من الأشجار المفيدة بيئيًا وزراعيًا.


في الختام…


نقف اليوم أمام خيار مصيري: بين شجرة المسكيت التي تهدد أرض أبين، وشجرة السدر التي بشّر الله بها أهل الجنة. تقع علينا جميعًا مسؤولية الإسهام في إعادة الحياة لأبين. فلنزرع السدر، لنحصد العسل والبركة، ونحوّل دلتا أبين إلى جنة خضراء بدلًا من أن تصبح صحراء مجدبة.



إعداد:

المهندس/ عبدالقادر خضر السميطي

ممثل الجمعية الوطنية للبحث العلمي والتنمية المستدامة - محافظة أبين

دلتا أبين – 26/4/2025م