يقف هؤلاء أمام لحظة مفصلية قد تقرر مصيرهم ومستقبلهم السياسي. لقد أصبح من الواضح أن السلطة الحوثية باتت في حالة من الانهيار التدريجي بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية العميقة التي تعصف بها، إضافة إلى الضغوط العسكرية المتواصلة من الضربات الأمريكية الدقيقة. هذه الظروف التي لا يمكن تجاهلها تفتح أمامهم الآن فرصة حاسمة قد تضمن لهم البقاء كقوة مستقلة، بعيدًا عن تبعات سقوط هذه الجماعة التي بدأت تهتز أركانها.
إن التحديات التي تواجهها جماعة الحوثي في الوقت الحالي أصبحت واضحة للجميع. على الصعيد العسكري، يتعرض الحوثيون لضغوط متزايدة من الضربات العسكرية الأمريكية الموجهة بدقة عالية، والتي تضعف من قدرتهم على الاحتفاظ بالأراضي التي يسيطرون عليها. أما على الصعيد الاقتصادي، فالوضع لا يقل سوءًا؛ خصوصًا بعد إدراجهم في قائمة الإرهاب وضرب ميناء رأس عيسى، أكبر مورد اقتصادي حربي للجماعة. كما زادت معدلات القمع والنهب والسلب، وارتفعت نسب الفقر والبطالة، وتتفاقم الأزمات المعيشية وتغرق المناطق تحت سيطرتهم في معاناة يومية لا نهاية لها. كل هذه المؤشرات تؤكد أن الجماعة على وشك الانهيار، ومع انهيارها، سيواجهون مصيرًا مظلمًا لا يقل مرارة عن مصيرها. فهل من العقل أن يستمروا في التمسك بهذه السلطة المهتزة التي باتت مهددة بالسقوط في أي لحظة؟ هل يظنون أنهم سينجون إذا ما استمروا في هذا المسار؟
الحقيقة أن جماعة الحوثي لن تضمن لهم البقاء، بل ستسحبهم إلى هاوية الفوضى التي ستنجم عن انهيارها. خياراتهم الآن واضحة: إما أن يكونوا جزءًا من السقوط المحتوم، أو أن يختاروا الاستقلال قبل فوات الأوان.
إن إعلان المحافظين والقادة الأمنيين والعسكريين والمشرفين استقلالهم عن سلطة الحوثي في هذه اللحظة الحرجة ليس مجرد خيار سياسي، بل هو مسألة بقاء. إن هذا القرار سيضمن لهم الحفاظ على سيطرتهم على المناطق التي يديرونها، بعيدًا عن الفوضى التي قد تعقب سقوط الحوثيين. فبينما يواجه الحوثيون الانهيار العسكري والاقتصادي، فإنهم سيتمكنون من تأمين مناطقهم بفضل قدرتهم على اتخاذ قرارات مستقلة وتشكيل تحالفات استراتيجية.
إن إعلان الاستقلال هو خطوة حاسمة تؤكد للآخرين من القوى المحلية والإقليمية والدولية أنهم قوة محورية يجب التعامل معها. سوف يجدون في هذا القرار دعمًا سياسيًا واقتصاديًا من دول تسعى للحفاظ على استقرار المناطق التي تقع تحت سيطرتهم، وبالتالي ضمان مستقبل مشرق لهم بعيدًا عن دوامة الفوضى التي سيعيشها الحوثيون عند سقوطهم.
في حال سقوط الحوثيين، لن يكونوا مجرد جزء من الفوضى التي ستعم المناطق الخاضعة لهم، بل سيكونون في موقع قوة يمكنهم من خلاله التفاوض مع الأطراف الأخرى. من خلال إعلان الاستقلال الآن، سيفتحون لأنفسهم أبوابًا لتحالفات جديدة مع القوى الدولية والإقليمية التي تسعى للاستقرار في اليمن. بل إنهم قد يجدون فرصة للشراكة مع الحكومة الشرعية في صنعاء، وكذلك مع دول الخليج، وحتى مع المجتمع الدولي الذي قد يرى فيهم القوة الوحيدة القادرة على الحفاظ على الاستقرار في مناطقهم.
هذه الفرصة لا تأتي كل يوم، وإن تأخرت خطوة الاستقلال، سيجدون أنفسهم في خضم صراع غير متكافئ على السلطة مع أطراف متناحرة، مما يعرضهم للمخاطر السياسية والعسكرية.
اللحظة الراهنة هي لحظة حسم؛ إما أن يكونوا جزءًا من انهيار الحوثيين، أو أن يصبحوا قوة مستقلة تستطيع فرض نفسها على ساحة المستقبل اليمني. الخيارات مفتوحة أمامهم: التحالف مع القوى الدولية الكبرى، أو أن يكونوا ضدها في مواجهة خاسرة لا يمكن التنبؤ بعواقبها.
إن إعلان استقلالهم عن جماعة الحوثي لن يكون مجرد خطوة سياسية، بل سيكون مفتاحًا لبقاء المناطق التي يسيطرون عليها كمناطق مستقلة، بعيدًا عن التبعية الحوثية المدمرة. سيكون لهم الحق في تحديد مصيرهم بعيدًا عن أي تدخلات من قبل جماعة أصبحت تحتضر، وسيكون لهم دور محوري في شراكة تشكيل مستقبل اليمن.
إن إعلان الاستقلال الآن هو القرار الذي قد يضمن لهم ولأولادهم وعائلاتهم مستقبلًا أكثر استقرارًا وأمنًا. في حين أن الحوثيين يقتربون من السقوط، فإنهم أمام فرصة تاريخية لتحرير مناطقهم وضمان الاستمرار في قيادة مجتمعاتهم بعيدًا عن دوامة الفوضى التي قد تترتب على انهيار السلطة الحوثية.
التاريخ سيحكم عليهم إذا ما قرروا الوقوف على الحافة وانتظار المصير، أو إذا اتخذوا خطوة جريئة نحو ضمان بقائهم كقوة مستقلة.