آخر تحديث :الثلاثاء-01 يوليو 2025-05:27م

رسوم سياحية وخسائر تشغيلية… أزمة خانقة تضرب قطاع الفنادق في عدن

الخميس - 01 مايو 2025 - الساعة 11:38 ص
بشير الهدياني

بقلم: بشير الهدياني
- ارشيف الكاتب


في العاصمة عدن، لا يكاد أصحاب الفنادق يلتقطون أنفاسهم من أزمة حتى تداهمهم أخرى، وما بين انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وارتفاع أسعار الوقود، تُضاف عليهم أعباء الرسوم السياحية المفروضة شهرياً، والتي لا تتناسب مع طبيعة الوضع الاقتصادي والخدمات العامة المتردية.


الواقع ليس في صالح هذا القطاع الحيوي، فالفندق الذي يُفترض أن يكون وجهة للزوار والسياح، تحوّل إلى عبء على أصحابه، يلتهم التشغيل فيه كل ما يدخل من إيرادات، بل يتجاوزها أحياناً، يقول أحمد الجحافي، وهو مستثمر في احد الفنادق في عدن: “ندفع شهرياً نحو 400 ألف ريال كرسوم سياحية، ومع ذلك لا نجد كهرباء تعمل أكثر من بضع ساعات، فنضطر لشراء الديزل بأسعار مرتفعة لتشغيل المولدات،نحن لا نحقق أرباحاً، بل نصرف من جيوبنا، وهذه ليست سياحة، بل خسارة متراكمة”.


المفارقة أن شكاوى أصحاب الفنادق لا تتوقف عند الرسوم وحدها، بل في تجاهل الجهات المعنية لحقيقة أن الخدمة الأساسية – الكهرباء – غير متوفرة، ورغم ذلك تُطالبهم بدفع رسوم وكأن الأمور تسير بشكل مثالي. كثير من ملاك الفنادق يقولون بصراحة: “لن نتهرب من دفع الرسوم، ولكن نطالب أن تُراعى ظروفنا، إما بتحسين الكهرباء أو تخفيض النسبة المفروضة لحين تحسن الأوضاع”.


ورغم هذا الواقع، إلا أن بعض الفنادق – خصوصاً تلك الواقعة على امتداد ساحل أبين – لا تواجه نفس مستوى الخسارة، نظراً لموقعها الجغرافي المميز والإقبال المرتفع عليها من مرتادي البحر، وأسعارها التي تُعتبر مرتفعة مقارنة بغيرها، إلا أن هذه الاستثناءات لا تُلغي القاعدة، بل تؤكدها،فنادق أخرى كثيرة، تقع في مواقع أقل حيوية داخل المدينة، تُكابد يومياً في سبيل البقاء، وتعاني من تراجع في الإشغال وارتفاع التكاليف، حتى بات التشغيل اليومي عبئاً مستمراً، لا فرصة استثمارية.


الخلل ليس في مبدأ دفع الرسوم، بل في غياب العدالة بتطبيقها على الجميع بنفس النسبة، دون الأخذ في الاعتبار الفروقات الكبيرة بين الفنادق من حيث الإقبال، والموقع، والدخل،ولهذا يناشد أصحاب الفنادق محافظ عدن ومدراء المديريات بأن يكونوا جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة، وأن ينظروا إلى الأمر بعين عادلة، تراعي واقع الخدمات وانهيار البنية التحتية، هم لا يبحثون عن إعفاء، بل عن إنصاف.


وفي مفارقة لافتة، فإن فنادق محافظة مأرب تتمتع بتيار كهربائي مستقر على مدار 24 ساعة دون انقطاع، ورغم ذلك لم تُفرض عليها مثل هذه الرسوم السياحية الثقيلة،الأمر ذاته ينطبق على محافظات أخرى مثل تعز، وسقطرى، وحتى بعض المناطق الريفية، حيث لا يتم تحميل الفنادق أعباء مماثلة لما تتحمله عدن.


هذا الواقع يجعل من عدن، رغم أهميتها السياحية وموقعها الساحلي الجاذب، المحافظة الوحيدة التي تُثقل كاهل أصحاب الفنادق برسوم مرتفعة في ظل غياب أبسط مقومات التشغيل كالكهرباء، ما يطرح تساؤلات جدية حول المعايير التي يتم اعتمادها في فرض هذه الالتزامات.




هذا القطاع لا يحتاج لرسوم إضافية، بل لقرارات متوازنة تعيد الثقة، وتحافظ على ما تبقى من استقرار اقتصادي في مدينة تعيش على حافة الانهيار،وإن كانت السلطة مسؤولة، فإن أول أبواب المسؤولية تبدأ بالعدالة في فرض الالتزامات، والواقعية في التعامل مع ما هو ممكن.