آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-04:27م

بن مبارك الذي حارب الفساد رغم ضراوة المعركة

السبت - 03 مايو 2025 - الساعة 04:45 م
د. قاسم الهارش

بقلم: د. قاسم الهارش
- ارشيف الكاتب


في بلد أنهكته الصراعات وتفشى فيه الفساد حتى صار كالأخطبوط الذي يمد أذرعه في كل اتجاه، ظهر رئيس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك كأحد القلائل الذين امتلكوا الجرأة لمواجهة هذا الوحش الضاري.


منذ اللحظة الأولى لتسلمه المنصب، أدرك بن مبارك أن معركته لن تكون سهلة، لكنه لم يتراجع. أقدم بشجاعة على إلغاء عقود الطاقة المشتراة، التي كانت لعقود تمتص موارد الدولة دون جدوى. وخفض نسبة النقل للطن بنسبة 70%، لتخفيف الأعباء المالية. ولم يكتفِ بذلك، بل فضح صفقة فساد بلغت 300 مليون دولار، كانت تدار من وراء الكواليس عبر شركات أُسست خصيصا للنهب، يديرها مسؤولون كبار من داخل مواقعهم الرسمية.


لقد نزل بن مبارك إلى الميدان، قرر أن يفتح الملفات، أن يواجه قوى متجذرة ظنت نفسها فوق المساءلة. لكن، وكما هي عادة الفساد حين يشعر بالخطر، تحركت شبكاته، حاصرت الرجل، وسعت لإفشاله قبل أن يتمكن من شرح ما يجري للناس. لم يكن الصراع متكافئا، كان وحيدا تقريبا في معركة لا يجرؤ كثيرون حتى على التفكير في خوضها.


اليوم، سواء بقي أحمد عوض بن مبارك في منصبه أم رحل، سيخرج مرفوع الرأس. سيخرج وضميره مرتاح، لأنه كان صادق النية، صادق العزيمة. سيخرج وقد سجل في تاريخه أنه حاول، في وقت كثيرون فيه استسلموا، وآخرون تواطأوا.


إن ما فعله بن مبارك ليس مجرد قرارات إدارية؛ إنه إعلان واضح أن اليمن ما زال فيه رجال يحلمون بالتغيير، رجال يؤمنون بأن المال العام أمانة، لا غنيمة. تحية ومليون شكر لهذا الرجل الشجاع، الذي خاض معركة صعبة في وجه منظومة فساد عميقة، وسيسجل اسمه في ذاكرة المخلصين بكل فخر.