شكيب حبيشي
في ظل استمرار التدهور والعبث الذي تشهده كافة مناحي الحياة في عدن، وإصرار هيئات السلطة بشقيها الرئاسي والحكومي على تجاهلها للوضع المأساوي الذي يعاني منه أبناء وأهالي هذه المدينة، حيث بلغهم من الأذى والضر ما لا يمكن تحمله والسكوت عنه.
وعطفًا على نداءاتنا وتحذيراتنا المتكررة إلى السلطات للتدخل، ومناشدة أطرافها إلى نبذ خلافاتهم والالتفات بمسؤولية إلى واجباتهم تجاه عدن وأبنائها.
ونظرًا لما تشهده عدن حاليًا من تصاعد في حالة الغليان واتساع رقعة الاحتجاجات المدنية المشروعة، والتي نأمل الحفاظ على سلميتها، لتفويت المبرر على المتربصين بها لقمعها.
وامتدادًا لدعوتنا مؤخرًا إلى أبناء عدن للالتقاء والتشاور والسعي لإنشاء إطار مدني حامل لقضيتهم، ومعبّر عن إرادتهم الحرة، ومدافع عن حقهم العادل في إدارة شؤون مدينتهم والعيش الكريم.
وتقديرًا للموقف، وبعد إجراء مراجعة تقييمية لكافة جهود أبناء عدن المخلصة بعد تحريرها وعلى مدى عقد من الزمن، ومساعيهم لتنظيم وتأطير أنفسهم.
وانطلاقًا من المسؤولية التاريخية التي يستشعرها العديد من عقلاء ونشطاء أبناء عدن، وتطلعهم إلى إيجاد كيان عدني مدني توافقي، واستلهامًا لروح ابن عدن البار ومحافظها الشهيد المغدور به اللواء جعفر محمد سعد، ومشروعه الطموح لجمع إرادة أبناء عدن، وقراره الصائب بتشكيل مجلس حكماء عدن من الشخصيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية، والمحددة اختصاصاته وأهدافه بالسعي للارتقاء بعدن وجعلها مدينة اقتصادية إقليمية وعالمية، وتوجيهه لأعضاء المجلس بعمل كل ما يلزم للخروج برؤية وحلول لكافة القضايا التي تهم عدن وأبناءها.
وهو ما عززه من بعده اللواء عيدروس الزبيدي، حيث أكد على ضرورة تفعيل دور مجلس حكماء عدن عند تعيينه محافظًا لعدن عقب اغتيال الشهيد جعفر.
وهو ذات الاتجاه الذي ذهبت إليه السلطة آنذاك في بلادنا بشقيها الرئاسي (هادي) والحكومي (بحاح)، إضافة إلى الترحيب الإقليمي والدولي بأن يلعب مجلس حكماء عدن دورًا كبيرًا في استقرار وتنمية عدن، وجعلها مدخلًا مساعدًا لحل إشكالية الحكم داخل قيادة السلطة الشرعية وتجاذباتها آنذاك والممتدة حتى يومنا هذا.
وعليه، وتأسيسًا على ما سبق، وتخليدًا لروح شهيد عدن وقائد تحريرها اللواء جعفر سعد، وإحياءً لمشروعه الصادق والواعي في جمع أبناء عدن وتنظيم جهودهم للدفاع عن مدينتهم والارتقاء بها وضمان استقرار معيشة أبنائها، فإنني أدعو إلى ما يلي:
إعادة تفعيل مجلس حكماء عدن بنفس تشكيلته الأولى (٢٨ عضوًا) والأخرى بإضافة (١٣ عضوًا)، والواردة في قراري محافظ عدن الشهيد جعفر في عام ٢٠١٥م، واعتماده كإطار مدني حامل لقضية عدن وهموم أبنائها.
يتولى خمسة أعضاء على الأقل من الواردة أسماؤهم ضمن قوام المجلس توجيه دعوة لانعقاده في أقرب وقت ممكن وعبر وسائل النشر العامة. (أقترح أن يكون الخمسة الأعضاء: أحمد القعطبي، بدر ناجي، تمام باشراحيل، حسن سعيد قاسم، دكتورة ابتهاج سعيد).
يعقد الاجتماع في مبنى محافظة عدن، وبرعاية وتسهيل قيادة مجلس محلي محافظة عدن مشكورين، وفي حالة تعذر ذلك يقرر الخمسة الأعضاء مكانًا بديلًا للاجتماع.
يعقد المجلس اجتماعه بمن حضر، ويرأس اجتماعه أكبر الأعضاء سنًا، ونظرًا لمرور عشرة أعوام على تشكيله، يختص في اجتماعه الأول بمراجعة قوام المجلس والتحقق من وجود الأعضاء الآخرين الذين لم يحضروا، والتواصل مع من لا يزالون على قيد الحياة، وبحث سبل حثهم على الحضور والمشاركة في اجتماع ثانٍ يُخصص لمناقشة القضايا الرئيسية التي تدخل ضمن مهام المجلس الأساسية.
يتولى المجلس في اجتماعه الثاني اختيار هيئة قيادية من أعضائه بالداخل لإدارة شؤونه بصورة مؤقتة، والتي تختار رئيسًا توافقيًا من بينها ولجنة متخصصة لإعداد وبشكل عاجل لائحة تنفيذية منظمة لعمله.
يحرص المجلس وبشكل عام على اختيار قياداته من بين أعضائه المقيمين بصفة دائمة داخل عدن، ويستعين بمن هم في خارجها للاستشارة أو تكليفهم بمهام ذات صلة بمناطق تواجدهم.
يحرص مجلس حكماء عدن على تمتين علاقته مع المجلس المحلي لمحافظة عدن، ويبحث في اجتماعه الثاني طبيعة وآليات العمل والتنسيق مع قيادته في تنفيذ مهامه.
يتولى مجلس حكماء عدن التواصل مع المكونات العدنية الفاعلة، ومساعدتها لتنسيق وتنظيم جهودها ودعمها للتعبير السلمي عن رؤاها ودفاعها عن عدن وحقوق أبنائها العادلة للمشاركة في الثروة والسلطة.
ينشئ المجلس وبشكل عاجل لجنة اقتصادية مشتركة بالتنسيق مع الغرفة التجارية بعدن، وممثلين عن البنوك وجمعية الصرافين، تهتم بمناقشة أسباب تردي الوضع الاقتصادي العام وتدهور سعر العملة المحلية وسبل معالجتها.
ينشئ المجلس وبشكل عاجل لجنة متخصصة بالخدمات العامة الرئيسية تُعنى بالوضع المتردي لخدمات مدينة عدن، وعلى وجه التحديد الكهرباء والمياه والتعليم والصحة، ووضع مقترحات حلول عملية لمعالجتها عاجلًا من خلال مبادرات يتبناها المجلس، وبالتنسيق مع السلطات المحلية والمركزية لتنفيذها.
يدافع المجلس عن عدن وحقها كمدينة ذات وضع خاص، ويدعو السلطة الشرعية، وكذا المكونات السياسية المنضوية فيها بمختلف توجهاتها إلى الالتزام بتعهداتها، باعتباره من مخرجات الحوار الوطني، وهو أحد مرجعيات السلام الشامل في بلادنا، والمعترف به من السلطة ومكوناتها.
يعمل المجلس على تنسيق ومتابعة جهود حثيثة مع السلطات القضائية والأمنية والرقابية الأخرى بمحافظة عدن للحد من العبث بأصول وموارد محافظة عدن، والسعي لاستعادة ما تم التصرف به بغير وجه حق، والعمل على تثبيت الاستقرار والأمن، ومنع التجاوزات بحق أبناء عدن وقمع حرياتهم والمساس بحقوقهم المصانة دستوريًا.
يمثل المجلس مدينة عدن ويدافع عن مصالحها، ويسعى لتعزيز مكانتها الاقتصادية محليًا وخارجيًا، وله في سبيل ذلك التنسيق مع السلطة في بلادنا لدعم تواصله مع الجهات المحلية والخارجية الداعمة، وعرض تصوراته لسبل تنميتها والحد من موانع استغلالها لقدراتها، وتوظيف عوائدها لتطويرها، ورفع جاهزيتها لجذب الاستثمارات، وخلق فرص عمل لأبنائها، وتحسين مستوى معيشتهم.