تصاعد الغضب الشعبي تجاه الخصخصة التدريجية للكهرباء، التي بدأت في حي المنصورة بالعاصمة عدن، وكأنها مقدمة لواقع جديد سيفرض نفسه على الجميع. ولكن هل سيؤدي هذا الغضب إلى رد فعل يوقف هذه الكارثة؟... للأسف، إن النمط المتكرر يجعل الإجابة واضحة: ( لا).
كل أزمة تبدأ ضخمة، تصدم الجميع، ثم تأخذ في التقلص تدريجيًا حتى تصبح أمرًا واقعا لا مفر منه، يتقبله الناس على مضض. وأبسط مثال على ذلك هو تدهور الكهرباء؛ ففي البداية، سخط الشعب على انقطاع التيار وانتشار البطاريات والشواحن، لكنه في النهاية اقتناها واعتاد عليها. ثم توالت السنوات، وازدادت الأزمة حتى انتشرت منظومات الطاقة الشمسية، فبدأ الناس بشراء الألواح الشمسية، ثم التلفزيونات السمسية، وكذا الثلاجات، وصولًا إلى المكيفات، حتى أصبحت هذه البدائل جزءًا من حياتهم اليومية.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيأتي يوم يتقبل فيه الناس الكهرباء التجارية، ويدفعون مقابل خدمة كانت في الأصل من حقوقهم؟ كما اعتادوا على شراء البدائل التي فرضتها الأزمة، هل سيتحول رفضهم اليوم إلى قبول غدًا، حتى تصبح الخصخصة واقعًا لا رجعة فيه؟
الأمر لم يعد يتعلق بالكهرباء وحدها، بل بمنظومة كاملة من التغييرات التي تفرض على هذا الشعب تدريجيًا حتى يصبح خيارهم الوحيد هو الرضوخ.
فل يستيقظ الناس قبل أن يجدوا أنفسهم أمام واقع جديد لا يمكن تغييره؟