آخر تحديث :الثلاثاء-01 يوليو 2025-08:16ص

حوثيون.. يُجهضون الطفولة

السبت - 10 مايو 2025 - الساعة 04:28 م
أحمد حوذان

بقلم: أحمد حوذان
- ارشيف الكاتب


لم تعد بشاعة جرائم جماعة الحوثي الإرهابية تقف عند حدود ترويع الكبار ونهب الأوطان، بل امتدت أياديها الآثمة لتطال أثمن ما يملكه اليمن: طفولته البريئة. فبشتى الوسائل الخبيثة، تواصل هذه المليشيات استهداف جيلٍ بأكمله، مُجهضةً أحلامه في مهدها ومُحوّلةً براءته إلى وقود لحروبها العبثية وأيديولوجياتها المسمومة.


إن استقطاب الأطفال اليمنيين وتعبئة عقولهم السمحة بعقائد فاسدة، منافية لجوهر ديننا الإسلامي السمِح، لم يعد أمرًا خفيًا. تعمل هذه الجماعة الإرهابية على غسل أدمغة الصغار، وحقنهم بالكراهية والعنف، وتسريع وتيرة تجنيدهم في سن مبكرة لدفعهم قسرًا إلى أتون معارك لا يفقهون مغزاها، ليقاتلوا إخوة لهم في الوطن، مُنفذين بذلك مخططاتٍ خبيثة تخدم أهدافًا لا تمت لليمن بصلة.


وليس ما حدث في الأمس في محافظة البيضاء، حيث اغتيلت طفلة لم تتجاوز العاشرة من عمرها في جريمة قتل خارج القانون واصيبت شقيقتها وطفلة تغتال أحلامها في لحج بقذائف حوثية ، إلا شاهدًا حيًا على هذا الاستهتار المُريع بالطفولة والمدنيين والأبرياء. هذه الجريمة البشعة ليست حادثًا عابرًا، بل هي تجسيدٌ لنهجٍ مُتأصل في هذه المليشيات التي لم تتورع يومًا عن ارتكاب أبشع الفظائع.

لا غرابة في أن تمارس هذه المليشيات اغتيال الطفولة، فقد دأبت على هذا النهج المشين لعقود طويلة ، منذ عهود الأئمة الذين سبقوها وصولًا إلى يومنا هذا. كالامام الرسي وغيره إنه ديدن هذه الجماعات التي تتستر بعباءة الدين وتدعي نصرة فلسطين والمظلومين، بينما سجلها الأسود حافلٌ بالإجرام والانتهاكات. فليس ببعيدٍ عنا ما ارتكبته أياديهم الآثمة حين قتلت طفلًا بريئًا في يريم وفخخت جثته الشريفة محاولة بقتل أباه وأمه وكل من يقترب منه، في قمة الخسة والانحطاط الأخلاقي.


ولعل الألغام المصنوعة على شكل ألعاب الأطفال، والتي زرعتها هذه المليشيات في مختلف ربوع اليمن، هي خير دليل على التعمد في استهداف الطفولة وتجريف الأجيال. إنها ليست أفعالًا عشوائية، بل هي خططٌ مُحكمةٌ تهدف إلى القضاء على براءة الطفولة وتحويلها إلى أشلاءٍ مُتناثرة.


وكم من القصص المؤلمة تروى عن أطفالٍ غرر بهم في دوراتهم ومخيماتهم الحوثية ليقتلوا آباءهم وأقاربهم بدمٍ بارد، مُنفذين أوامر قادةٍ لم يراعوا حرمة دمٍ ولا صلة رحم.


لقد أصبحت الطفولة في اليمن تعيش في كابوسٍ مُستمر، تحت وطأة الرعب والخوف من المجهول. فتجنيد الأطفال وقتلهم يُعد جريمة حرب مكتملة الأركان، يُجرمها القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان.


وفي سياق مساعيها وسيطرتها لتغيير هوية اليمن، عمدت المليشيات إلى منع الأطفال من تعلم اللغة الإنجليزية، في خطوةٍ تعكس خوفها من انفتاح الأجيال على العالم وثقافاته، بينما تُركز جهودها على تجنيدهم وحشو عقولهم بأفكارٍ ظلامية. أما على الصعيد الخارجي، فتتجلى وحشيتها في قنص الطفولة وتلغيم أماكن تجمعات الأطفال بعبوات ناسفة مُقنعة بأشكال ألعاب ذات ألوان زاهية، تستهدف كل طفلٍ يقع عليها، لتنهي حياته البريئة أو تشوه جسده وتُنهي حركته ونشاطه.


تدين الأوساط الحقوقية في بياناتها المتكررة استمرار جماعة الحوثي في تجنيد الأطفال، وتعتبره انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحقوق الطفل وكافة المواثيق والبروتوكول الاختياري المتعلق بإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة. لكن هذه الجماعة الإرهابية تتعمد استهداف الطفولة في اليمن وإشراكهم في أعمالها الإرهابية في البحار وغيرها، في تحدٍ سافرٍ لكل القوانين والأعراف الإنسانية.

إن حرب المليشيات الحوثية على اليمنيين ليست مجرد حرب سياسية، بل هي حرب فكرية خبيثة، تستهدف الأجيال القادمة وتسعى لتشييعهم، مما يُنذر بسقوط اليمن في براثن الأجندة الإيرانية الخبيثة. وتتجلى هذه الحرب الفكرية في استهداف عقول الأطفال واليافعين من خلال المراكز الصيفية التي تبث سمومها وأفكارها الهدامة في عقولهم النقية.


كصحفي أوجه رساله الى المجتمع الدولي فصمت العالم على هذه الجرائم البشعة بحق الطفولة اليمنية هو وصمة عار على جبين الإنسانية. يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك بشكل حازم لوقف هذا الإرهاب الموجه ضد أطفال اليمن، ومحاسبة قادة هذه المليشيات على جرائمهم، لإنقاذ ما تبقى من براءة الطفولة في هذا الوطن المنكوب.