في عمق كل أسرة، يقف الأبوان أمام تحديات متجددة، ربما أصعبها هو التعامل مع الأبناء العنيدين أو المتمردين. هؤلاء الأطفال أو الشباب، الذين كثيراً ما يُساء فهمهم، لا يسلكون طريق العناد لمجرد الرفض، بل في الغالب يصرخون بطريقتهم الخاصة طلباً للفهم، للاهتمام، أو حتى للاحتواء.
إن الأبناء أمانة في أعناق آبائهم، وهم بحاجة إلى الصبر، والحب، والحوار لا إلى العنف والقسوة. لقد أثبتت التجارب أن القسوة – وإن بدت أحياناً حلاً سهلاً – تؤدي إلى نتائج كارثية، فكم من ابن تمرد بسبب التجاهل أو الضرب، وكم من ابنة ضاعت لأنها لم تجد من يستمع إلى وجعها.
المؤسف أن بعض الآباء والأمهات، بدافع الجهل أو الغضب، يلجؤون إلى أساليب عنيفة، لا تراعي مشاعر الأبناء ولا ظروفهم، مما يؤدي إلى تفكك الأسر، وتصاعد الخلافات، وأحياناً – للأسف – إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير: خلافات قبلية، وثارات أسرية، وحتى جرائم قتل.
هنا تكمن خطورة الجهل. فالوالد الواعي، المتعلم، يصفح ويصبر، ويبحث عن حلول رحيمة تحفظ كيان الأسرة. أما الجاهل، فيقوده رد فعله إلى دائرة من المشاكل لا تنتهي، تتسع لتشمل العائلة، والحي، بل والمجتمع بأكمله.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل إن بعض الأسر، حين تعجز عن حل مشكلاتها، تلجأ إلى السحر والشعوذة، بدافع الانتقام أو الطمع أو حتى لمحاولة الجمع أو التفريق بين الأزواج. وهذه الظواهر، وإن كانت مدفوعة باليأس، إلا أنها انحراف خطير عن طريق العقل والدين، ولا تجلب إلا الدمار والشتات.
الحل لا يكمن في العنف، ولا في الخرافات، بل في التفاهم، والحوار، والاحتكام إلى العقلاء الذين يخافون الله، ويحكمون بما يرضيه، ويُرضي أطراف الخلاف، ويعيد التوازن إلى الأسر المفككة.
هذه رسالة لكل أسرة، لكل أب وأم، بل لكل فرد في هذا المجتمع: لا تكرروا الأخطاء التي تقود إلى الكوارث. ولولا وجود أناس ناضجين يعفون ويصلحون لوجه الله، لتفككت الكثير من الأسر، ولا نشر الأحقاد كما النار في الهشيم.
وختاماً، أوجه نداءً صادقاً إلى مجتمعي، إلى أهلي في شرعب، مهد رأسي: احذروا هذه الطرق الظالمة، فقد باتت تنتشر بيننا بشكل مؤلم، ولها ضحايا كُثر. أملي أن ينهض أهل الخير والعقل والحكمة، ليقفوا صفاً واحداً ضد هذه الممارسات، وينشروا الوعي ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
فالأمل في الإصلاح لا يزال قائماً، ما دام في المجتمع من يحلم بالخير، ويسعى إليه.