آخر تحديث :الأحد-15 يونيو 2025-12:48ص

اليمن ما بعد الحرب.. حربّ أخرى. ( ج١)

الإثنين - 12 مايو 2025 - الساعة 04:35 م
د.باسم المذحجي

بقلم: د.باسم المذحجي
- ارشيف الكاتب


اليمن اليوم يتطلب منا إعداد طروحات، هي في الحقيقة استراتيجيات، وخطط عملية مدروسة لإعادة بناء السلام، وإعادة تاهيل المجتمع تأخذ بنظر الاعتبار الأهداف، والوسائل ،والآليات الممكنة لإتمام هذه العملية خصوصًا، والحالة اليمنية تحولت الى دولة كونفيدرالية غير معلنة.

هدفي من هذا العمل تسليط الضوء على أسباب عدم الاستقرار الداخل من النواحي السياسية ،والاجتماعية والاقتصادية، والأمنية، وعمل حلول مقنعة حقيقية واقعية، وكيف نتخلص من مرحلة الحرب ،وتداعياتها ،ولايملك اليمنيين إلا واحد من إثنين لا ثالث لهما، أمَ الاستمرار في الوضع الحالي الكارثي، والذهاب الى المجهول، أو إعداد استراتيجية إنهاء الحرب والسٍلم التي تقوم على مجموعة من المضامين السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية ،والعسكرية.

لكن مع الأسف الشديد تبقى أكبر مشكلة تواجهنا في مدى قدرة النخب السياسية الحاكمة، والكيانات المرتبطة بها، خصوصًا العسكرية ،والمليشاوية على تحقيق الاستقرار الداخلي، وإعادة البناء سياسيًا، واقتصاديًا واجتماعيًا، وامنيًا، وعسكريًا ،وبمايضمن تجاوز سلبيات المراحل السابقة جميعها بدون استثناء، وإعادة صياغة العملية السياسية ،والديموقراطية عبر تصحيح الخلل في البناء الدستوري، والتشريعي، والمؤسساتي ،وتحقيق التنمية الاقتصادية؟ والنمو الاقتصادي ؛والتنمية البشرية، ومكافحة الفساد، وصولًا لواقع جديد يطمح له اليمنيين جميعًا، و بالتالي تحاول أشكالية هذا العمل الأجابة على التساؤلات التالية:-

1.ماأسباب عدم الاستقرار الداخلي في الجمهورية اليمنية؟

2.ماهي أسس إعادة البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والثقافي للجمهورية اليمنية؟

3.مامستقبل الاستقرار الداخلي في اليمن وإعادة بنائُه؟

-فرضيةهذا العمل تنطلق من معادلة مفادها؛ أن عملية بناء استراتيجية استقرار (سياسي- اقتصادي) ،و( اجتماعي ثقافي) ،و ( امني- عسكري) تعتمد على استراتيجية توحيد الخطاب الديني ،والسياسي بأهمية أعادة البناء بشكله العام ، ومامدى توفر الرغبة لدى النخب السياسية الحاكمة، أو الممثلة للعملية السياسية ،والديموقراطية من توحيد الخطاب السياسي ،وإعلاء مصلحة الجمهورية اليمنية كبلد ،وشعب عانى ماعانى من الحروب كمافي المعادلة الآتية:-

[استراتيجية بناء استقرار( سياسي اقتصادي اجتماعي ثقافي عسكري) / استراتيجية توحيد الخطاب الديني والسياسي = إعادة بناء الجمهورية اليمنية.]

الجدير بالذكر ،بأنهذا العمل ينتهج منهج التحليل الوصفي، لما له من دور كبير في وصف الحالة اليمنية موضوع هذا العمل ،مع ذكر أسبابها ،وحلولها وصولًا الى النتائج المرجوة، كماتم الاعتماد على المنهج الاستشرافي المستقبلي لتحديد المشاهد المستقبلية للاستقرار الداخلي في الجمهورية اليمنية، واستراتيجية إعادة بناءه.

-يتوجب هنا إرجاء الحديث، والتوقف عن شرح هيكلية هذا العمل ،التي انجزتها من مقدمة، ومباحث، وخاتمة، واستنتجات، ونشرها في أعمال أخرى_ حيث أنني بين ثنايا هذه الكلمات _اتقدم بالمناشدة لجميع الباحثين المهتمين بالحالة اليمنية باستخدام الأطار العام والخطوط العريضة لهذا العمل، وذلك لتقديم أفكار ورؤى تعكس خبراتهم، و أبحاثهم، والباب مفتوح على مصرعيه.

ختامًا ؛وعلى عجالة دعوني، وكما اسلفت سأبتعد عن هيكلية هذا العمل، وأدخل في حوار دقيق ،واقترب أكثر ونتحدث بكل شفافية عن)_ لماذا تبقى العوامل الاقتصادية في جوهر الصراع اليمني؟ _ الجواب لدينا قاعدتان أساسيتان عند حصول إنهيار للعملة في أي دولة ما. فبي الأولى: يقع المواطن هو الضحية إنطلاقاً من تراجع قدرته الشرائية، وهذا يزيد من معدلات الفقر كما هو الواقع.بحيث أن النسبة الأكبر من اليمنيين ،بل الغالبية يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية، الأمر الذي أدى إلى تراجع قدرتهم الشرائية بمستويات مرتفعة، وفاقم هذا الوضع عدم وجود هيئة عليا لتحديد الأسعار السلع العادلة ،حتى لايستغل التجار موجة الأرتفاع لتحقيق ارباح غير عادية، ومراقبة التجاوزات ،علمًا أن الجمعية اليمنية لحماية المستهلك اضمحل دورها بسبب الحرب.




*والقاعدة الأساسية الثانية تختصر: بأن أي دولة يفوق حجم كتلتها النقدية معدلات النمو، وقدرة السوق على الاستيعاب تشهد انحداراً في سعر الصرف، وبالتالي نتيجة ضخ أموال مطبوعة لتغطية نفقات الدولة يستمر الانهيار المتواصل للعملة، ويؤدي إلى التضخم، وهروب رؤوس الأموال والإستثمارات، ولذلك اختلط الحابل بالنابل ،فلم يعد هناك أي رهان للحكومة اليمنية، إلا الرهان على السعر الثابت في بيئة السعر العائم ، من خلال البنك المركزي اليمني بعدن، حيث يتم تحديد السعر الريال اليمني ،وطرح مزادات بيع الدولار الأميركي مقابل الريال اليمني ،والهدف محاولة الحفاظ على سعر الصرف الريال اليمني الذي يشهد منحنى تصاعدي ،ونزيف مستمر لقيمته.

الخطير في حرب اليمن، بأن الأزمة الاقتصادية في اليمن مركبة ؛حيث [الأزمة النقدية تحولت الى مصرفية]، ونبسط المشكلة ، بأن عملية ضخ الكتلة النقدية المعاد طبعها فئات 1000ر.ي و 500 ر.ي، وبعد تداولها في السو ق، قادت إلى التضخم ،وتراجع القدرة الشرائية لليمنيين ،ونتج عن ذلك ارتفاع جنوني في سعر الريال اليمني ،ليصل (نسبة الف بالمائة )،حيث أن سعر صرفه اليوم 2500ى.ي مقابل الدولار الأميريكي،و مقارنه بالسابق 250ر.ي. المفترض ،ومن البديهي أن تقدم الحكومة اليمنية معروض نقدي يسوقه البنك المركزي اليمني باستراتيجية الثقة ب الريال اليمني ،ومهما كانت الظروف، نظراً لأن العامل النفسي هو الذي يؤثر على موضوع الطلب، بحيث قد يلجأ اليمنيون إلى التخلص من عملتهم عند الشعور بالخطر. لذلك نستنتج بأنهُ عندما يطبع الريال اليمني ب بفئات أقل من 500ر.ي ،فذلك يحقق شرط الثقة ، ويخلق أجواء عامل نفسي يعزز ثقة اليمنيين بعملتهم الوطنية.

-هناك خطأ جسيم في سياسات صانع القرار اليمني ، بحيث أنه لم يقدم حلول عاجلة في استئناف تصدير النفط ،والغاز بأي قالب توافقي مُقدمًا مصلحة اليمن،و الشعب اليمني، الذي يمثل أي صادرات النفط والغاز، مانسبته 70%من إيرادات الجمهورية اليمنية، وبالتالي فقدت اليمن أهم مورد بسببه تدخل العملة الصعبة في الدوائر الاقتصادية الرسمية، وبرزت سوق موازية خطيرة على الاقتصاد اليمني.

وأخرى كذلك لم تنتبه لهه الحكومة في تقليل فاتورة الواردات ،بمقاطعة المنتجات الغير ضرورية ،وتفعيل العقوبات على المخالفين من المنتجين ،والتجار ،وقادنا ذلك الى عدم القدرة على إيجاد آلية لتشغيل الفقراء من خلال القروض المتناهية الصغر من دون فوائد ،وعدم القدرة على تفعيل دور المجتمع المحلي، والمنظمات غير الحكومية في تدريب ،وتأهيل تلك الفئات لتحويلهم من طالبي المنح والدعم الى فئات منتجة.