آخر تحديث :السبت-19 يوليو 2025-11:31م

النعمة والنقمة.. لماذا ينشأ الصندوق تنمية الآن، ولماذا لم ينشأ من قبل؟

الثلاثاء - 13 مايو 2025 - الساعة 09:41 م
هشام الجابري

بقلم: هشام الجابري
- ارشيف الكاتب


لم أكن أنوي الحديث في هذا الموضوع، ولكنني اليوم سأطرح بعض الملاحظات التي قد تكون غائبة عن البعض.


أولاً: الصندوق


الصندوق اليوم يُعد ضرورة ملحة في هذا الملف الشائك. فعند تولي أي محافظ أو مسؤول في المحافظة، يقوم طرف معين بالضغط من خلال إقامة نقاط مسلحة وغيرها للاحتجاج. هذا السيناريو تكرر قبل عامين في الهبة الثانية، ويتكرر اليوم بالطريقة ذاتها.


الفرق أن السلطة السابقة نجحت في احتواء الموقف حينها، بينما لم تستطع السلطة الحالية ذلك.


تحييد الملف الشائك:


جاءت فكرة إنشاء الصندوق كوسيلة لتحييد هذا الملف عن أي صراع مستقبلي، بهدف الاستفادة منه لصالح المحافظة بكل شفافية، وبعيدًا عن السلطة المحلية، ولمنع استخدامه من أي طرف ضد آخر.


عند تعيين أي محافظ جديد، قد يعارضه طرف سياسي آخر ويستخدم ملف الوقود والموارد المحلية كأداة للضغط. هذا أمر متوقع وقد تكرر سابقًا، وقد نعود بسببه إلى نقطة الصفر، فتظل مشاكل حضرموت بلا حل بسبب "النعمة" التي تحولت إلى نقمة – مجددًا، في كل سنة تقريبًا سنشهد عودة الخلاف حول هذا الملف.


لذا، فإن تحييد هذا الملف عن أي صراع يُعد خطوة إيجابية ومهمة؛ فلا تستطيع أي سلطة قادمة العبث به، ولا يستطيع أي طرف سياسي استخدامه كورقة ضغط، ويستمر اي الخلاف ومطالب سياسية دون الإضرار بالشعب او خسارة تتعرض لها المحافظة.


ثانيًا: التساؤل – لماذا لم تُنشأ صناديق في عهد السلطة السابقة؟ ولماذا الآن؟


هذا تساؤل مشروع، وللإجابة عليه نوضح التالي:


رفعت شركة بترومسيلة قدرة المصفاة الخاصة بها لأول مرة قبل عامين، منذ توقف تصدير النفط الخام، لتقوم بتكريره وبيعه. في عهد السلطة الحالية، ارتفعت الكمية من 500 ألف لتر في عهد السلطة السابقة إلى أكثر من 1.5 مليون لتر شهريًا، بزيادة تقارب مليون لتر تقريباً – وهذا مورد محلي ضخم لم يكن موجود سابقا.


وسبب هذه الزيادة أن شركة بترومسيلة توقفت عن تشغيل العديد من الآبار باستخدام مادة الديزل، واعتمدت على الكهرباء، مما أدى إلى فائض كبير تجاوز أحيانًا 1.5 مليون لتر من مادة الديزل، ويُعد ذلك موردًا مهمًا للغاية.


وفي فترة الهبة الثانية أثناء تولي السلطة السابقة، كانت الكميات المستلمة لا تتجاوز 500 ألف لتر: 175 ألف لتر لوادي حضرموت، و350 ألفًا للساحل. وشاركت الهبة الثانية في الإشراف عليها وتوزيعها وضبطها. وقد خُصص جزء منها للكهرباء، وأُنزلت بعض الكميات للمواطنين بسعر 4500 ريال ال20لتر من قبل السلطة السابقة، بعد اتفاق مع الهبة الحضرمية الثانية، وهو أمر معروف للجميع. وكانت الكمية آنذاك قليلة جدًا، أما الآن فهي تبلغ ثلاثة أضعاف ذلك.


● حول القول بأن الصناديق مجرّبة ولم تنجح سابقًا:


هذا غير صحيح، فقد كانت هناك صناديق ناجحة أثناء تولي المحافظ السابق اللواء فرج البحسني، ولا يستطيع أحد إنكارها.


1. صندوق التعليم:

كان مثالًا ناجحًا، واستفاد منه أكثر من 10,000 مواطن في حضرموت، تم التعاقد معهم وصُرفت لهم رواتب. كما تم بناء وتأهيل أكثر من 100 مدرسة، بين إنشاء جديد وتأهيل قائم. ويعود هذا النجاح – بعد فضل الله – إلى صندوق دعم التعليم والدعم الكبير الذي قدمه اللواء البحسني، وتجربة عبدون في التعليم التي لا تزال محط إشادة حتى اليوم.


2. الصندوق الخيري:

أُنشئ في المراحل الأخيرة من فترة المحافظ البحسني، وقدّم دعمًا للمحتاجين، وتم صرف مبالغ للأسر الفقيرة. ولو استمر، لحقق نجاحًا أكبر، لكنه توقف حاليًا.


3. صندوق دعم الشباب:

تجربة ناجحة استفاد منها الكثيرون. والسلطة الحالية دعمت هذا الصندوق مشكورة ليستمر، لما أثبته من نجاح.


● أهمية تحييد ملف الإيرادات المحلية:


تحييد ملف الإيرادات اليوم خطوة أساسية، وليست التفافًا على مطالب حضرموت، بل لحماية هذا الملف من أي احتجاجات أو صراعات سياسية مستقبلية، وكبح الفساد فيه – وهو المتوقف حاليًا بسبب ادعاء حلف قبائل حضرموت بالفساد فيه إذا منع الفساد فيه بإنشاء صندوق دون السلطة المحلية ما المانع من ذلك إذا من استمرار الإيقاف.


فالمتضرر الأول والأخير هم أبناء حضرموت، ثم حضرموت نفسها واستقرارها، ولا تحتمل حضرموت عودة الخلافات حول هذا الملف مجددًا، لما قد ينعكس من أثر سلبي على استقرارها.


● الأهم من ذلك كله: أزمة شركة بترومسيلة


الجانب الكارثي حاليًا يتمثل في الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها شركة بترومسيلة، والتي قد تؤدي إلى إفلاسها. وهذا يعني أن آلاف الأسر من أبناء حضرموت سيفقدون مصدر رزقهم.


إنشاء الصندوق سيعوّض الشركة ويعيد لها أرباحها، مما يمكّنها من تعويض خسائرها، ودفع رواتب موظفيها، والاستمرار في تزويد كهرباء حضرموت بالمازوت والديزل.


منذ أن بدأت الشركة بتوريد المازوت للسلطة المحلية، لم تستلم ريالًا واحدًا، مما حمّلها خسائر فادحة. وإذا استمر الوضع على حاله، فقد تضطر إلى التوقف عن تزويد الكهرباء بالمازوت والديزل.


إذا أُنشئ الصندوق، وتمت فيه إيداع الأرباح من مبيعات الموارد المحلية، فسيكون قادرًا على تعويض الشركة ودفع مستحقاتها. أما إذا توقفت بترومسيلة عن العمل، فستخسر حضرموت الكثير.


إن هذا الموضوع ليس سياسيًا ولا شخصيًا، بل هو قضية بالغة الأهمية تتعلق بمستقبل حضرموت واستقرارها.


وقد جاء تدخل اللواء فرج سالمين البحسني من منطلق مسؤولية وطنية بحتة، وليس له أي غرض شخصي. لذلك، لا يجب أن نُهدر الفرص، ولا تتحول نِعَمُنا إلى نِقَم.