آخر تحديث :الخميس-26 يونيو 2025-05:30م

حضرموت بين الأطماع والتحديات

الأربعاء - 14 مايو 2025 - الساعة 06:08 م
عبدالناصر محمد العمودي

بقلم: عبدالناصر محمد العمودي
- ارشيف الكاتب



في مشهد يتكرر على نحو يثير القلق، تشهد حضرموت – تلك الأرض ذات التاريخ العريق – هباتٍ تتوالى، وعروضًا ظاهرها الدعم وباطنها الهيمنة، تترافق مع صعود وجوه دخيلة على العمل الوطني، تتصدر المشهد وتعتلي المنابر، وتشيد القصور، لا على أسس من العطاء أو الاستحقاق، بل على صفقات يعلوها العار، وتغلفها الإهانة.


تُطرح تساؤلات مشروعة في الشارع الحضرمي: من أين جاءت هذه الأموال؟ ومن أي باب دخلت تلك "المساعدات" التي تحولت إلى وسيلة لبناء النفوذ الشخصي وشراء الولاءات، بدلًا من أن تكون عونًا للناس وحافزًا للتنمية؟ ولماذا باتت بعض القيم تُستبدل بالريال والدرهم، في مجتمعٍ عُرف تاريخيًا بالإباء والعزة؟


لقد تسربت إلى النسيج الاجتماعي الحضرمي ثقافة دخيلة، قوامها بيع المواقف وشراء الضمائر. فأصبحت مكاسب المال السريع بديلًا عن الوفاء للوطن، وصعد إلى الواجهة من لا يحملون هموم الناس، بل يحملون أجندات مموليهم الباحثين عن الهيمنة.

لقد كان الحضرمي في ماضيه مثالًا للكرامة والنزاهة، يأبى الخضوع للغريب، ويصون تراب وطنه من التدنيس. أما اليوم، فقد تغيّر المشهد، وصار بعضهم لا يرى في الخارج خطرًا، بل فرصة، وفي الارتهان خلاصًا لا خيانة، حتى بات هذا السلوك نمطًا متوارثًا في بعض النفوس.


غير أن المسؤولية لا تقع فقط على أولئك الذين باعوا قرارهم، بل أيضًا على العقلاء وأصحاب الحكمة الذين انسحبوا من المشهد، وتركوا فراغًا شغلته وجوه رمادية، باعت القرار الوطني لمن يدفع، وأهملت المصلحة العامة مقابل مصالح ضيقة وشخصية.


ورغم هذا الواقع المؤلم، فإن الأمل لم ينقطع. فحضرموت لا تزال قادرة على النهوض، متى ما استعاد أبناؤها وعيهم التاريخي، واسترد العقلاء دورهم، وعاد المخلصون إلى ميدان الفعل، لا القول.

إن المرحلة تتطلب صحوة ضمير، وإرادة سياسية وشعبية، تُعيد الكرامة إلى موقع القرار، وتحفظ لحضرموت مكانتها المستحقة بين أقاليم الوطن.


المستشار د. عبدالناصر العمودي