تحية لقادة مجلس التعاون الخليجي ملوك وامراء العرب الذي يبذلون قصار جهدهم لاستعادة مشاركتهم الفاعلة في صناعة التاريخ العربي والعالمي المعاصر ، غير قابلين للنظر عن بعد له . مستميتين في العودة اليه ، عقب تراجعهم الملحوظ عن الحضور في تفاصيله الرقمية المعاصرة ، كنتاج لقرار ٍ دولي خفي يقضي بضرورة خروج العرب من نافذة التاريخ المعاصر ، واحكام اغلاق ابوابه التكنولوجية الحصينة امامهم . تحقيقا لاجماع المراجع الفلسفية للغرب المسيحي على مقولة انطلاقة قطار الحضارة ، من الشرق ، وتوقفه في قلب باريس كعاصمة لمظاهر الفنون والعلوم والاداب آبان عصر النهضة . دون التفات العاصمة الحالمة لسيطرة امريكا على دفة قيادة التاريخ و الطيران بقطاره على بساط الريح ، باتجاه عاصمتها الحديثة واشنطن ويستقر بثبات هناك ، مدشنة عصرها الذهبي في قيادة العالم ، واجباره على الدوران في فكلها ،
فالتحية لهولاء العمالقة من قادة العرب المعاصرين لمايبذلونه من جهود لاختراق سماكة القرار الاممي الظالم ، فرض واجب و مستحب تستدعيه ضرورة المرحلة ، وجزالة الحدث . فخورين باصرارهم العقلاني المستنير على فتح ثغرة لامتهم في جدار التاريخ الرقمي المعاصر للعالم ، و عدم الاكتفاء باستخدماته الاولية و المقننة ، مستميتين بعمق في محاولات امتلاكهم لمفاتيحه العلمية الدقيقة الشفرات ، والعالية التقنية والاسرار . تأصيلا لايمانهم العميق بضرورة بقاء امتهم رقما محوريا في دول العالم لا صفرا على اليسار منها ، مجيدين الاستخدام السليم لمآثر بلدانهم من التاريخ ، والانسان والثروات ، وتسخيرها برؤية ثاقبة لخدمة قضايا الامة العربية المشتتة بالصراع منذ دخولها لعصور الانحطاط ، واجماع قوى النفوذ الراسمالي عليها ، واستفراد امريكا بقيادة العالم باشراقات روحانية واعية و جميلة ، مستوحاة من مزيج الفلسفة والعقل و الدين .
ويسعى هولاء القادة الكبار بافعالهم للحضور و المشاركة في مشهد العالم اليوم ، رغم الاقرار الغربي بضرورة غروب شمس العروبة من آفاقه ، والاكتفاء بالنظر اليه من بعيد مثلما اسلفت .
وحاز هولاء الفتية من قادة العرب في الجزيرة و الخليج العربي على اعجاب العالم ، متجاوزين دونية نظرة القصور السائدة عنهم هنا او هناك ، مصرين على اعادة المحاولة بعد الاخرى لاستراجع استحقاق عروبتهم للالتحاق بركب العصر ، والمشاركة في صناعة تحولاته الحضارية و العلمية المذهلة ، مستلهمين دور هذه البقعة المباركة من العالم ، وخلود اسهاماتها في تحقيق النهوض الحضاري للغرب والانسانية جمعا بعد غيابها القصري عنهم زهاء خمسة قرون متوالية غارقين حتى شحمتي الاذن في وحل صراعاتهم الدينية ، وخلافاتهم المذهبية و العرقية بطغيان عنصري نزق . في ظاهرة تاريخية عرفها اهل الاختصاص والعلم بالعصور المظلمة لما سادها من انحطاط في مختلف مناحي الحياة ربما لدرجة تفوق دخول العرب لهذه المراحل من التاريخ .
وتمكن هولاء القادة من ملوك وامراء المنطقة من الاستفادة من الطفرة النفطية التي زخرت بها بلدانهم ، و تشمير السواعد لمواصلة السير على طريق اسلافهم الاماجد في الحفاظ على السيادة الوطنية لبلدانهم ، وجذب الاستثمارات الصناعية المعاصرة لها ، وتعميق دخولها في بناء شراكات عملاقة مع العالم ، تمكنوا من خلالها على تغييب معالم التخلف والحرمان ، والانطلاق بشعوبهم الى رحاب حياة العصر .
ولا يمكن الانتقاص من قيادتهم الحكيمة للمنطقة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها ، باذلين مايستطعون من اجل الوصول الى تأمينها من الانهيار الاخير ، والذود عنها بالسياسة والحكمة والمال معا ، حتى تحقيق نقطة التوازن في لعبة الامم ، لعمق اسرارها ومخاطرها على المنطقة والعالم باسره ، في ظل تنامي الشعور بفهم هولاء القادة الغيورين على عروبتهم من ضرورة التحرك بقوة نحوها ، واحداث اختراقات هامة في الاقتراب منها . ويبرز في هذا السياق ، زيارة الرئيس الامريكي رونالد ترامب ، لدولهم وجعلها قبلة المحطات التاريخية الاولى له في ولايته الثانية ، دون العالمين ، مما يؤكد مدى احترام العالم لهم ، و ذهابه بعنفوان اليهم نزولا لخدمة واستدامة المصالح المشتركة لبلدانهم و شعوبهم .
حفظكم الرب قادة الامة في الجزيرة والخليج ، ودام عزكم مجدكم وريادتكهم وقيادتكم للمنطقة ، و احيي من الاعماق طموحاتكم المشروعة للقفز الى غمرة قيادة التاريخ من جديد .
لتضيء نجوم قادة الجزيرة والخليج ليالي العرب المظلمة و الكالحة السواد .