آخر تحديث :الأحد-01 يونيو 2025-06:15ص

العدالة الانتقالية وسدة الحكم؟!

الجمعة - 16 مايو 2025 - الساعة 01:59 م
حيدره محمد

بقلم: حيدره محمد
- ارشيف الكاتب


كانت ولازالت الحروب الأهلية نتاج حديث ومعاصر للصراعات والنزاعات الدائمة للأستحواذ على السلطة والحكم في جمهورياتنا المتعددة المسميات والنظم،والمتعددة الكوارث والنكبات.

وفي كل مراحل الصراعات الجمهورية لم تقم أي تجربة عدالة إنتقالية حقيقية استطاعت أن تنهي تراكمات النتائج الوخيمة لتلك الحروب والصراعات في الجمهوريات التي قامت على الإنقلابات والإنقلابات المضادة.

والمثير للاهتمام أن إستنساخ تلك الصراعات والحروب ظل قائماً ومسيطرآ على العقلية السياسية الجمهورية،ولايزال هو النهج السياسي المتبع عند كل الفرقاء والطامحين للوصول للسلطة والحكم.

وفي عصرنا يتحدث الخصوم والفرقاء وهم يقدمون مشاريعهم السياسية عن العدالة الإنتقالية،وان كان مفهوم العدالة الإنتقالية مفهوماً ليبراليا حديثاً،وبعيدآ كل البعد عن سلوك تلك الطقم والزمر العسكرية الإنغلاقية.

ولم يترك العسكر والإنغلاقيون بدعة ولم يسوقوها لشعوبهم في سبيل الحفاظ على سلطتهم وحكمهم،ولم يتركوا وسيلة إلا وأنفذوها للبقاء في سدة الحكم المهترئ بالفساد وهيمنة مراكز القوى،والتي عادة ماتكون مراكز قوى عائلية وعشائرية.

وعند الحديث عن العدالة الإنتقالية لا يمكننا إغفال الحديث عن الحروب الأهلية ونتائجها،والتي عادة ماتمزق نسيج المجتمعات ولحمتها الداخلية في إطار الجمهوريات التي حكمها العسكر،ومفهوم العدالة الإنتقالية وجد لتحقيق الإنتقال الأهلي السليم،والقائم على أساس إعادة الحقوق ومحاسبة القتلة والفاسدين.

ولعدم وجود عدالة إنتقالية حقيقية في جمهورياتنا المأزومة بالصراع على الحكم والسلطة لم نستطع أن نغير من واقعنا العام،ولم ننجح حتى الساعة في أن نبني أوطان قوية ومواكبة لسياق العصر،وقادرة على إنتخاب واختيار قيادات رشيدة وصالحة.

ولا يعقل ولا يصدق وبل ولا يقبل وبأي منطق ينتمي للعدالة ويحترم إنسانيته وكرامته أن يتقبل فكرة أن من كان طرفا مسؤولاً في الصراع والنزاع أصبح متبنيآ لمفهوم العدالة الإنتقالية ومفوضآ لتحقيقها،ويتم إعادة تدويره على أنه طرفاً وطنيا أصيلاً ومؤتمنآ على الحفاظ على مصالح الشعب ومكتسباته،وبنفس المنطق السلطوي المتغلب والعقيم.

وحدث هذا في العراق وسوريا ومصر ولبنان وليبيا والجزائر والسودان والصومال واليمن، وفي كل الجمهوريات العسكرية، ولا يزال يحدث قدما، ويتجه إلى ما يشبه الإنهيار الكلي والشامل لما تبقى لتلك الجمهوريات من مقومات وإمكانيات خارجة تماماً عن كل ما يمت للعصر بصلة، وهو الأنموذج السياسي الأكثر دموية وخرابا.

ولهذا فالشعوب في جمهورياتنا المتراجعة تحضرآ ومدنية لاتزال أسيرة نخبها السياسية المتصارعة والمتحاربة، ولن تقوم لها قائمة والصراعات تفتك بعضدها الوهن والمثقل بالهزائم والإنقسام، وهي لا تملك خياراتها واختياراتها المهدرة بفعل الصراعات التي ليس لها نهاية والتي ليس لها غاية.

وإلى اليوم ورحى التنمطق بالحقوق والعدالة والحريات لاتزال هي عينها الشعارات الجوفاء والعدمية لكل أساطنة الغلبة في جمهورياتنا المريضة حسآ وضميرآ، والتي لم ولن تشفى وداءها هو عينه دوائها، والذي ومتى ما تخلصت منه قد تنفك من قيده وأغلاله وإن كان حلماً بعيد المنال.؟!