صرخة الوعي (16):
(ضمن سلسلة مقالات قراءة في استراتيجية التحفيز)
الاحتجاجات المتصاعدة في عدن ولحج وأبين، والتي تقودها النساء وتدعمها قوى شعبية واسعة، لم تعد مجرد حراك مطلبي محدود؛ بل أضحت تعبيرًا مكثفًا عن وعي جمعي يتشكل، عن شعبٍ وصل إلى قناعة مفادها أن ضريبة الصمت والخنوع، أكثر كلف من ضريبة العزة والكرامة.
هذه الانتفاضة المتنامية في المحافظات المحررة تُنذر بتحول مفصلي في المعادلة السياسية والاجتماعية، وتعيد صياغة الأولويات الوطنية برؤية جديدة، ترتكز على الحق، والسيادة، والعدالة، والدولة.
الاحتجاجات في عدن ولحج وأبين تحمل مطالب معيشية مباشرة: كهرباء، وماء، وتعليم، وصحة، واستقرار اقتصادي. لكن جوهرها أبعد من ذلك. إنها صرخة ضد مشاريع الفشل والتنازع، وضد أصحاب المصالح الضيقة والمشاريع الجهوية، التي حوّلت المناطق المحررة إلى ساحات للجوع وغياب ابسط حقوق الإنسان.
وفي الجهة الاخرى يواجه الشعب اليمني مشروعًا آخر أكثر فتكًا واستبدادًا: المشروع الكهنوتي الحوثي، الذي صادر الدولة، وأذل المواطن، وقاد البلاد إلى قاع الفقر والجهل والموت المجاني. كلا المشروعين—الكهنوتي في الشمال اليمن، ومشروع اللا دولة في جنوب اليمن—يتقاطعان في نقطة جوهرية: سحق الإنسان اليمني وسلبه حقه في دولة عادلة وحياة كريمة.
من "ثورة النسوان" إلى "ثورة وطن": وحدة الوجع ووحدة المصيرتصنعان الرابط الحتمي بين احتجاجات عدن ولحج وأبين، وبين الدعوات الشعبية الواسعة لدعم الجيش الوطني، لهزيمة الانقلاب الحوثي.
هو وحدة المطلب الجوهري: استعادة الدولة. فالشعب أدرك أن لا خلاص من الجوع، ولا عودة للكهرباء والماء والتعليم والصحة و الاستقرار الاقتصادي، ولا هزيمة للكهنوت، إلا بدولة عادلة، ذات سيادة، يحميها جيش وطني قوي متماسك.
لهذا بات الالتفاف الشعبي حول الجيش الوطني اليوم أكثر من مجرد تعبير عن رغبة في هزيمة الحوثي؛ بل هو تعبير عن تطلع جمعي لإنقاذ البلاد كلها من مشاريع التمزيق، ومن الفشل البنيوي الذي أرهق اليمن من أقصاه إلى أقصاه.
ولا يمكن معالجة الغضب الشعبي في عدن ولحج وأبين بالمسكنات، ولا بإعادة إنتاج أدوات القمع والفشل. كما لا يمكن مواجهة المشروع الحوثي بالشعارات الفارغة والخطابات الباهتة. إن الحل الحقيقي هو الاستجابة الجادة والعميقة لمطالب "ثورة النسوان" وامتداداتها، من خلال:
١. إعادة بناء مؤسسات الدولة في المناطق المحررة على أسس نزيهة وكفؤة وشاملة.
٢. على الحكومة الشرعية العودة إلى أرض الوطن بسط نفوذها الفعلي، لا الشكلي، في المناطق المحررة، والقيام بواجباتها ناحية الشعب والوطن.
٣. دمج التشكيلات العسكرية في الجيش الوطني وتحفيزه للقيام بدوره التاريخي في استعادة الدولة وهزيمة المشروع الحوثي الكهنوتي، وحماية مصالح الشعب، وسيادة الوطن.
٤. تبني مشروع وطني جامع يتجاوز الانقسامات، ويعيد الاعتبار لقيم المواطنة المتساوية والسيادة والاستقلال.
إن الاحتجاجات الشعبية الجارية ليست عبثية، ولا فوضى، بل هي نواة لميلاد جديد، لمشروع وطني عميق. لذلك فإن تعزيز هذا الحراك، وتوسيع نطاقه، وربطه بالمشروع الوطني المقاوم للحوثي، سيكون بمثابة استنهاض شامل لوطن أُريد له أن يُمزق من الداخل.
هذه لحظة تاريخية فاصلة. وعلى الجيش الوطني، وكل القوى السياسية الحية، أن يتحملوا مسؤولياتهم، لا بالانتظار، بل بالمبادرة. فالوطن لا يُبنى بالبيانات، بل بالتضحيات. والكرامة لا تُمنح، بل تُنتزع.
ثورة النسوان هي بداية ثورة شعب، والجيش الوطني هو أداتها الشرعية لخلاص كامل. فلنمض معا نحو دولة مستقلة، حرة، عادلة.
#صرخة_وعي
#ثورة_الجياع
#الجيش_الوطني_أمل_اليمن
#من_عدن_إلى_صعدة_ثورتنا_واحدة
#لا_للكهنوت_ولا_للاستعمارـالناعم
#نعم_للدولة_اليمنية_العادلة
—----
✍️ عبدالعزيز الحمزة
الاحد ١٨ مايو ٢٠٢٥