آخر تحديث :الأحد-01 يونيو 2025-06:15ص

القوى الجديدة والحكم الرشيد؟!

الثلاثاء - 20 مايو 2025 - الساعة 03:58 م
حيدره محمد

بقلم: حيدره محمد
- ارشيف الكاتب


قوى سياسية جديدة هي التي تستطيع أن تؤسس لدول قوية وحكم رشيد،والقوى السياسية التقليدية في كل الأقطار الجمهورية قد أصبحت عبء ثقيل على الوطن والمواطن بصراعاتها ونزاعاتها الثورية التي لا تنتهي والتي لا تستطيع أن تقدم جديداً لشعوبها،وهي الشعوب التي دأبت على التصفيق والتهليل والتطبيل للنظم الحاكمة جهلآ وحشدآ ورغبة ورهبة وإجبارآ وكرها.

وكما وأنها كقوى سياسية تقليدية أصبحت تتبنى الصراعات والنزاعات من داخل مراكز القوى التي تصنعها وتتحالف معها، ومن ثم تعاديها وتشن حروبها عليها، وقد تعيد صناعتها وتحالفها معها متى ما توجست المخاطر التي تتهددها من خارج إطار نطاقها السلطوي، والذي عادة ما يكون تهديداً للأطراف المعارضة والمناوئة.

وحتى تلك الأطراف المناوئة والمعارضة تتشكل بفعل حاجة النظم الجمهورية، وهي تقدم نفسها للإقليم والخارج على أنها نظما سياسية تتبنى التعددية السياسية والحزبية، ولكن سرعان ما ينتج عن ذلك التصور الخاطئ صدامات ومواجهات وانسداد أفق عبثي لا طائل منه ولا نفع، وحدث هذا في كل المراحل التي تمر بها النظم الجمهورية.

وعندما نتحدث عن قوى سياسية جديدة لإدارة وقيادة الجمهوريات القائمة، فالحديث هنا يخص القوى المدنية الغائبة، وذلك بفعل استبداد النظم السياسية الحاكمة، والتي أقصتها وألغتها وهمشتها، وبل وبطشت ونكلت بها، ولم تترك لها منفذاً ولا وسيلة لتقديم برامجها وخططها، والقوى المدنية وفي كل الجمهوريات قوى حقيقية ولها وجودها، ولكنها قوى مصادرة ومحاصرة، ولا تستطيع أن تصل لسدة الحكم.

وعدم وصولها لسدة الحكم مرتبط بعهود من التجيير والتدجين المعادي لتلك القوى المدنية، ولأسباب مرتبطة بالوعي الجمعي للشعوب والمجتمعات في الجمهوريات الاستبدادية، ولعدم وجود حلقات تواصل ثابتة ومنظمة بين القوى المدنية والشعوب، ولكن وفور أن تضعف قبضة النظم على الشعوب أستطاعت القوى المدنية أن تظهر على سطح المشهد السياسي، وبل وقادة المتغيرات الأهلية والمجتمعية وبإقتدار، ورأينا ذلك في أكثر من جمهورية إبان ثورات الربيع العربي.

والتي عرفت وقتها بالقوى المدنية المستقلة ومن ضمنها الهيئات والمنظمات المدنية المسموح لها بالعمل العام، ولولا الثورات المضادة للدول العميقة المتحالفة مع الخارج لما تم إجهاض ثورات التغيير، ولما تم إعادة إنتاج بقايا النظم الجمهورية وتقديمها كأطراف وطنية، والتمهيد لإعادة تجربة نظامها السابق كبديل لفشل حركات التغيير.

ولكن السؤال متى تخرج الشعوب من أزمتها الموغلة في إعادة التجارب السابقة؟ ومتى تستطيع أن تصل لانتخاب قوى سياسية جديدة قادرة على إنتاج نظم حكم فاعلة وتستطيع أن ترسي أساسات سليمة وصحيحة لدول خالية من الصراعات والحروب ومتقدمة اقتصاديا وتنمويا؟ والجواب متى ما استطاعت الشعوب أن تتحرر من هيمنة القوى السياسية المتحكمة بأمنها و باستقرارها، والمستولية على ثرواتها وخيراتها، ومتى ما وصلت لوعي جمعي حقيقي بتحدياتها وتطلعاتها.

وقد رأينا كيف تخندق نظام جمهوري عربي بشعاراته القومية، وهو لم يقدم على معركة واحدة طيلة أربعة عقود مع العدو محتفظا بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين، ورأينا كيف أفاق زعيم جمهوري من سباته طالبا مهلة أسبوعين ليصلح خراب ثلاثة عقود.

وكيف سخر زعيم جمهوري آخر بشعبه واصفا أياهم بالجرذان، وكيف تحدى زعيم عربي ثورة شعبة مواجها أياها بالتحدي، وقبل أن يكلفه ذلك التحدي الكثير، وآخر كيف حول مليارات الدولارات قبل سقوطه ووقوعه في الأسر، وهي دراماتيكيات مليئة بالالتفاف والاحتيال والاستخفاف بحقوق الناس وحرياتهم.

وبنفس نزعة الخطاب القديم يتبنى الصاعدون نفس المنطق المتدثر بالدفاع عن الجمهوريات والمكتسبات الوطنية، والقوى الجديدة خارجة تماماً من كل الحسابات ومن كل المعادلات السياسية، وذلك لأنها لا تمتلك المال السياسي ،ولا تمتلك القوة والأذرع المسلحة، وليس لديها المقومات التي تمكنها من أن تصبح قوى سياسية منظمة ،والمجريات جميعها ذاهبة نحو المزيد من الإيغال المسرف في تكريس النظم القديمة والجمهوريات، وهو تكريس مأزوم بنزعة وصورة القائد الفذ الملهم، والذي جاء لسدة الحكم على ظهر دبابة.؟!