آخر تحديث :الخميس-03 يوليو 2025-02:44ص

الزنداني .. قائد المعركة الدبلوماسية

الخميس - 22 مايو 2025 - الساعة 07:13 ص
د. عارف أبو حاتم

بقلم: د. عارف أبو حاتم
- ارشيف الكاتب



د. عارف أبوحاتم

في هذا اليوم الوطني الاستثنائي، وفي هذه المناسبه العظيمة لا يسعني إلا أن اتذكر القامة الوطنية والدبلوماسية الكبيرة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين، الذي كان سبباً في اختيار هذا النشيد الباذخ الجمال ليكون نشيداً وطنياً للجمهورية اليمنية، أثناء جولة المفاوضات بين شطري اليمن لتحقيق الوحدة اليمنية.

‏قبل أقل من أسبوع خرج الدكتور الزنداني من آخر معاركه الدبلوماسية أثناء حضوره للإعداد والتحضير لقمة بغداد الرابعة والثلاثين المنعقدة في 17 مايو الجاري وما يخص الشأن اليمني من مخرجاتها.

مع اقتراب موعد القمة العربية الرابعة والثلاثين في العاصمة العراقية بغداد بدأ الهمس في مواقع سوشيال ميديا عن سيطرة الحكومة الإيرانية عبر ميليشياتها العراقية، وقدرتها على العبث بقرارات ومخرجات هذه القمة، خاصة ما يتعلق بالقضية اليمنية التي طرفها الانقلابي هو المليشيات الحوثية المدانة دولياً بالإرهاب والمدعومة من إيران، وهي أوهام بددتها صدق الأفعال وقوة مخرجات قمة بغداد العروبة والتاريخ.

‏لا شك أن المتوجسين في اليمن كانوا كثر، لأنهم يجهلون من هو قائد المعركة الدبلوماسية اليمنية في المحافل الدولية، وهو معالي السفير الدكتور شائع محسن الزنداني الذي تواجد في أرض بابل منذ ثلاثة أيام سبقت القمة العربية، ضمن وزراء الخارجية العرب والمندوبين الذين عملوا على إعداد جدول أعمال هذه القمة وصياغة بيانها الختامي وكتابة الوثيقة التاريخية المسماة "بيان بغداد" هذه الوثيقة التي أخذت عشرات الساعات في إعدادها ومراجعتها حتى خرجت إلى النور في 111 صفحة.

‏اخذت فيها القضية اليمنية الصفحة الرابعة والخمسين كاملة، وأكدت فيها على كل ما تحتاجه القضية اليمنية من دعم إسناد لليمن في مرحلتها الراهنة التي تمزقت فيها الأرض، وتشتت فيها الإنسان، وتعددت الطرق، وتقاطعت المصالح، و تكاثرت الجهويات المسلحة.

نص "بيان بغداد" على أربعة بنود داعمة وساندة للقضية اليمنية، جميعها تشير بوضوح إلى وجود شخصية وطنية حريصة، وذهنية يقظة، تدرك حساسية المرحلة وصعوبة المنحنى الذي تمر به البلاد، وتلك احدى صفات معالي وزير الخارجية الدكتور شائع الزنداني الذي حرص أن يكون في مستهل البند الأول التأكيد على "الالتزام بوحدة اليمن وسيادته وامنه واستقراره وسلامة أراضيه ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية"، والتأكيد على "دعم الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس الدكتور رشاد العليمي"، وهذان النصان الجليان يؤكدان أن في اليمن طرفاً واحداً فقط، هو القيادة الشرعية الدستورية، وهو من يمثل مركز الدولة السياسي والقانوني، وأن لا معادلة من طرفين بل طرف شرعي يمثل الدولة وطرف إنقلابي حوثي يمثل عصابة وكهنوت، وليس من خطر يهدد أمن اليمن واستقراره مثل وجود المليشيات الحوثية التي باتت وكيلاً أكبر للدولة الإيرانية سيما عقب تخلص وتحرر الدولة اللبنانية من مليشيات حزب الله وسلاحه وأذاه.

ونص ثالث في "بيان بغداد" يؤكد على "تأييد موقف الحكومة اليمنية المتمسك بخيار السلام على أساس المرجعيات الثلاث المتفق عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن رقم 2015) 2216)" وهذه المرجعيات المحلية والإقليميه والدولية هي الجامع الشامل المشخص للحالة اليمنية وما تحتاجه سياسياً واقتصادياً وعسكرياً وأمنياً، وهي أيضاً مرجعيات يمكنها أن تقود البلاد إلى انعتاق تام وتحرر كلي والاتجاه نحو المستقبل بخطة ثابتة، وواضحة المعالم.

لقد مثل "بيان بغداد" واحدة من أهم الوثائق التاريخية في بيت العرب الجامع، وحظيت منه القضية اليمنية بنصوص محكمة وهامة، كان آخرها نص طويل أبرز ما فيه "دعم الإجراءات التي تتخذها الحكومة اليمنية الرامية إلى رفع المعاناة عن كاهل الشعب اليمني" وإصلاح تداعيات الحالة الاقتصادية الناتجة عن انقلاب ميليشيا الحوثي وسيطرتها على مؤسسة ومقدرات الدولة اليمنية، وما ترتب على ذلك من انهيار للعملة والاقتصاد، وشكل حالة من الفقر والمجاعة.

هذه المخرجات القوية في قمة بغداد ما كان لها أن تكون لولا وجود شخصية وازنة مثل الدكتور شائع الزنداني، فهو من أكثر الكفاءات الوطنية إداركاً لطبيعة المرحلة وتداعياتها وخطورة ترك القضية الوطنية للزمن دون حلول عاجلة ونافذة.