آخر تحديث :الخميس-18 سبتمبر 2025-08:33ص

فتحي بن لزرق وشيطنة الآخرين

السبت - 24 مايو 2025 - الساعة 07:22 ص
عبدالرقيب فارع

بقلم: عبدالرقيب فارع
- ارشيف الكاتب


تابعت مساء يوم أمس الجمعة مقابلة لرئيس تحرير صحيفة “عدن الغد” الزميل فتحي بن لزرق مع الإعلامي محمد الصلوي في بودكاست “بلكونة”، والتي امتدت لساعتين ونصف، حملت في طياتها رحلة حياة بن لزرق منذ طفولته وحتى اللحظة. كان الحوار مثيرًا وشيقًا، وتناول عدة جوانب، أهمها وضع اليمن والتجاذبات السياسية التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه، وما شدني في اللقاء هو كشف العديد من الحقائق التي كانت غائبة عن عامة الناس، سواء في الجانب السياسي أو الاجتماعي.


أنا هنا سأتطرق إلى ما دار حول حقيقة انطلاق صحيفة وموقع “عدن الغد” حسب قول الزميل فتحي، بعد أن تجرّع المر في البحث عن لقمة العيش وعمل في عدة مجالات عقب تخرّجه من كلية الحقوق في العام 2005م، وكيف بدأ العمل في الصحيفة والموقع، بعد أن اتهمه الكثيرون بتلقي تمويل من جهات متعددة؛ تارةً من الحراك الجنوبي وتارةً من النظام السابق لعلي عبدالله صالح، وغير ذلك من الاتهامات التي فندها بعقلانية ومصداقية تواكب وضعنا الراهن.


كانت البداية في مجال الصحافة والعمل الشاق من خلال إنشاء موقع “عدن الغد”، بعد أن تواصل مع فهمي الشعيبي، صاحب شبكة الطيف، الذي حجز له دومين الموقع. وبعد إطلاق الموقع، اتُهم فتحي بتمويله من قبل فرقاء الحراك السياسي، ما دفعه للذهاب إلى محافظ أبين السابق العميد محمد علي أحمد، طالبًا الدعم المالي، فدعمه بمبلغ مائة ألف ريال.


تم إطلاق الموقع في 10/12/2010م، بعد أن صممه الأخ معاذ الشيباني، الذي يُعد اليوم من أفضل المصممين. وبعد إطلاق الموقع، تفاجأ بنشر خبر في شبكة الطيف يفيد بأن السكرتير الصحفي للرئيس السابق علي عبدالله صالح، الأستاذ عبده بورجي، هو من دعم الموقع، وهو ما اعتبره فتحي طعنة في خاصرته، دفعته للعمل أكثر لإثبات استقلالية الموقع.


بدأ العمل وسط أجواء من الشكوك والاتهامات، حيث كان يدير الموقع من محل إنترنت في عدن يُدعى “إيرو نت”، وكان ينشر أخبار السلطة والحراك بشكل متوازن. وعمل على الموقع من “عزبة” سكنية جمعته بأشخاص من شبوة وأبين لمدة سنة تقريبًا، قبل أن يتمكن من شراء لابتوب خاص به وتوصيل الإنترنت. ومع اندلاع أحداث فبراير 2011، غطى الموقع الاحتجاجات من عدن وصنعاء وباقي المحافظات.


كان أول إعلان على الموقع عن طريق يسري الأثوري، لإعلان مودمات “البرق نت”، بقيمة 100 دولار شهريًا ولمدة 6 أشهر. وعند انقضاء المدة، تواصل مع الزميل عدنان الأعجم، رئيس تحرير “الأمناء نت”، لتحسين وضعه المالي، إلا أن التجربة لم تنجح. بعدها، تواصل مع الناشط بالحراك الجنوبي أحمد الدياني، وأخبره أنه سيغلق الموقع بسبب غياب الدعم، فقام الدياني بالتواصل مع الشيخ الصريمي، الذي دعم الموقع بـ2000 دولار، استُخدمت لدفع رواتب المراسلين وشراء لابتوب آخر.


في نوفمبر 2011، حضر فتحي مؤتمر الحراك في القاهرة، برعاية علي ناصر محمد وحيدر أبو بكر العطاس، حيث التقى بأحمد عمر بن فريد، وطرح عليه فكرة تحويل “عدن الغد” إلى صحيفة ورقية. اقترح بن فريد الذهاب إلى الأستاذ عبدالرحمن الجفري لطلب الدعم، الذي وافق على دعم الصحيفة بمبلغ 1000 دولار شهريًا. بعدها تواصل مع شركة “إنماء العقارية”، التي تكفلت بطباعة أول ستة أعداد من الصحيفة.


تواصل بعدها مع أحمد الحبيشي، رئيس تحرير صحيفة “14 أكتوبر”، الذي وافق على طباعة الصحيفة بسعر رمزي. أخرج العدد الأول المخرج مراد محمد سعيد، وطُبع في 1/1/2012م، وكان العدد يتضمن أسماء محررين لم يشاركوا فعليًا، إذ قام فتحي بإعداد المواد بالكامل، باستثناء صفحة أدبية أعدها عمرو جمال وعدنان الخضر وفريق “خليج عدن”. كان محمد بلفخر يكتب مقالات أسبوعية لا تزال مستمرة حتى اليوم.


حقق العدد الأول مبيعات بقيمة مليون ريال لـ6 آلاف نسخة، بينما لم تتجاوز تكلفة الطباعة 100 ألف ريال. ومن المفارقات أن مقر الصحيفة المعلن في الترويسة كان وهميًا بحي العيادات بالمنصورة، بينما كانت تُدار من عزبة سكنية. بعد العدد السابع، بدأ باستقطاب مراسلين وصحفيين، وفي يونيو من نفس العام، تحولت الصحيفة إلى يومية.


تميزت “عدن الغد” بنشر موادها أولًا إلكترونيًا ثم ورقيًا، وهو أسلوب نادر في عالم الصحافة. بدأ العمل بمكتب بسيط مكون من غرفتين وحمام، وكان يعمل معه الزملاء: حسين الحنشي، المرحوم محمد القاضي، ماهر درهم، شيماء باسيد، وياسر عبدالباقي. لاحقًا، انتقل إلى مقر من دورين يشمل الصحيفة والسكن والإدارة.


في عامي 2012 و2013، أصدر صحيفتين إضافيتين: “عدن الثقافية” و”عدن الرياضية”، واستمرت الصحيفة اليومية حتى بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تؤثر على الصحف الورقية. في عام 2014، دخل في صدام مع حزب الإصلاح، الذي كان مسيطرًا على عدن، وطلب المحافظ وحيد رشيد من “14 أكتوبر” وقف طباعة الصحيفة، ما شكل ضربة قوية.


بعد تدخل من الرئيس هادي واللواء محمود الصبيحي وعوض الوزير، عادت الصحيفة للطباعة، عبر شراء مطبعة قديمة بـ30 ألف دولار، لا تزال تعمل حتى اليوم.

وكان من أبرز أسباب نجاح “عدن الغد” أنها احتوت كل الأفكار والتيارات ونشرت لكل الكُتاب، حتى من ينتقدونها، ومنهم المرحوم نجيب قحطان الشعبي، الذي كتب مقالًا ينتقد فيه فتحي بن لزرق قائلاً في نهايته: “رغم إدراكي أنك لن تنشره”، لكن فتحي نشره في الصفحة الأخيرة، وتصدّر عنوانه الصفحة الأولى.


ومن ضمن المؤسسين للصحيفة حسب قول بن لزرق: فواز منصر، حسين الحنشي، صالح أبو عوذل، صالح العبيدي، والمصور نبيل قعيطي، إضافة إلى عدد كبير من الصحفيين. وفي مطلع 2019، أنشأ مؤسسة “عدن الغد” بمقر خاص يشمل الصحيفة، والسكن، ومركز تدريب.


وفي فبراير 2024، أطلق إذاعة “عدن الغد”، التي حققت حضورًا كبيرًا بجانب الصحيفة والموقع. ويطمح اليوم إلى إطلاق قناة فضائية باسم “عدن الغد”، مؤكدًا أنها سترى النور قريبًا.


وتذكروا كلامي هذا: قناة عدن الغد ستكون في الساحة الإعلامية قريبًا، بإذن الله.