آخر تحديث :الأربعاء-02 يوليو 2025-01:31م

عدن.. الخدمات فيها سلاح للقتل الجماعي

الإثنين - 26 مايو 2025 - الساعة 10:37 ص
عبدالكريم الدالي

بقلم: عبدالكريم الدالي
- ارشيف الكاتب


اليوم، معاناة عدن كبيرة، فشعبها يتعرض للقتل الجماعي الممنهج والمنظم بسلاح غياب الخدمات الأساسية.

فحرارة الصيف شديدة للغاية، والأوبئة منتشرة، وأمراض الحميات والإسهالات في ازدياد وتفتك بالناس. كل يوم يتزايد عدد ضحايا هذه الأمراض، نتيجة غياب الخدمات الصحية وانعدام النظافة، ويومياً يخطف الموت أطفالاً وكبار سن ومرضى الأمراض المزمنة بسبب انقطاع الكهرباء.


وهكذا، أصبح غياب الخدمات سلاحاً للقتل الجماعي في عدن، وسط تجاهل مؤلم وانعدام تام للاهتمام من قبل سلطة المحاصصة. نعم، إنها حالة مأساوية وصل إليها الناس في عدن، نتيجة عمالة وفساد وفشل السلطة الحالية.


والأدهى والأكثر إجراماً ووقاحة أن أحد شركاء هذه السلطة، وهو المجلس الانتقالي، يستخدم ميليشياته المسلحة الممولة من الخارج في قمع واعتقال واختطاف المواطنين – رجالاً ونساء وشباباً – فقط لأنهم مارسوا حقهم الدستوري في التعبير والمطالبة بالخدمات عبر احتجاجات سلمية.


تقوم ميليشيات المجلس الانتقالي بممارسة القمع والإرهاب ضد المواطنين، في ظل صمت مخزٍ من الشريك الآخر في سلطة المحاصصة، المسمى بـ"الشرعية"، ومعها الأحزاب والمكونات السياسية التي تتمسح بهذه السلطة.


وبهذه الممارسات القمعية، تؤكد سلطة المحاصصة أنها امتداد لنظام الحكم الشمولي الفاسد، ولا تحمل أي مشروع لبناء دولة مدنية قائمة على سيادة القانون، يكون فيها الجميع – وزيراً كان أم غفيراً – متساوون أمام العدالة.


لقد خرج المواطن في عدن إلى الشارع ليعبر عن رفضه لما وصل إليه حال المدينة من انعدام للخدمات. خرج الرجال والنساء، كبار السن والشباب، آباء وأمهات، إخوة وأخوات، ليطالبوا بحق أسرهم في حياة كريمة.


خرج الجميع لممارسة حقهم الدستوري في التعبير السلمي، رفضاً لممارسات القتل الجماعي الممنهج بسلاح غياب الخدمات، الذي يأتي في سياق سياسة منظمة تستهدف تدمير عدن – أرضاً وشعباً وهوية.


ورغم القمع والاعتقالات والاختطاف والإخفاء القسري، إلا أن إرادة المواطن في عدن انتصرت، ووصل صوت الاحتجاجات السلمية إلى كل مكان، متحدياً سلاح الميليشيات.


وعلى شركاء سلطة المحاصصة، ومعهم الأحزاب والمكونات السياسية التابعة لهم، ومن خلفهم ما تُسمى بدول التحالف (السعودية والإمارات)، وكذلك المجتمعان الدولي والإقليمي، أن يدركوا أن ما يحدث اليوم في الشارع العدني هو تراكم وتطور للأحداث، وسيؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى طفرة نوعية، قد تكون عصياناً مدنياً شاملاً – في أفضل الأحوال – أو فوضى عارمة لا يمكن التكهن بنتائجها.


ومن قراءة المشهد السياسي للشارع العدني، نستطيع القول إن العد التنازلي لحدوث هذه الطفرة قد بدأ، وعندها ستكون سلطة المحاصصة وشركاؤها، والأحزاب التابعة لها، ودول التحالف، والمجتمع الدولي والإقليمي مسؤولين عن كل ما سيحدث لاحقًا.


وهكذا نكون قد نبهنا وبلغنا عن السقوط الكبير القادم، وعلى كل طرف أن يتحمل مسؤولية سلوكه الحالي. فحين تنتفض الشعوب، تتحول إلى بركان ثائر، وكل مواطن يصبح قنبلة موقوتة في وجه الظلم والطغيان، والتبعية للخارج، والفساد، وسرقة المال العام، والتفريط بالسيادة الوطنية.


ختامًا، على دول التحالف، إن كانت جادة في إنقاذ الوضع في عدن قبل الانفجار، أن تبادر بتنفيذ الإصلاحات التالية:


1- توفير الخدمات كاملة غير منقوصة.

2- تسليم إدارة عدن وأمنها، كما في كل محافظة يمنية، لأبنائها.

3- إخلاء عدن من المعسكرات المسلحة.


انتهى.

عبدالكريم الدالي