أضعنا أعمارنا في الجنوب نركض خلف حلم الانفصال، وفي الشمال نحاول فرض السيطرة على وطنٍ أنهكته الصراعات والانقسامات. فلا الجنوب نال استقلالًا جلب له الكرامة والرخاء، ولا الشمال ذاق طعم العيش الكريم وسط أزمات لا تنتهي.
عشنا أعوامًا نُطارد السراب، بينما في أعماق أرضنا كنوز تُقدّر بالمليارات، وفوق سطحها ثروات لا تُعد ولا تُحصى. ومع ذلك، لا نزال نُعاني الفقر، ونتذوق مرارة الجوع، ونتشرد خارج حدود وطنٍ كان يجب أن يكون مأوى الجميع.
ما الذي يمنعنا من أن نتوقف لحظة… لنفكر بعقل ونتحرك بحكمة؟
ما الذي يعطلنا عن أن نضع خلافاتنا جانبًا، ونلتقي على كلمة سواء، نتفق فيها على إدارة وطننا بعدل ورؤية، لا بعصبية ولا بأطماع؟
لماذا لا نوزع ثروتنا الوطنية بعدالة على كل مناطق اليمن؟
لماذا لا نُسخّر إمكانياتنا لبناء دولة تكفل الكرامة لكل مواطن، دون تمييز أو إقصاء؟
دولة يسودها القانون، وتُصان فيها الحقوق، وتُبنى على أسس المواطنة لا المناطقية، وعلى الشراكة لا الاستئثار.
يا أبناء اليمن، في كل بقعة من هذا الوطن…
تعالوا نفتح صفحة جديدة، نطوي فيها سنين التشتت، ونُعلن بداية عهد جديد، نكسر فيه قيود الماضي ونُعيد بناء اليمن بسواعدنا جميعًا.
كفانا دورانًا في حلقات الفشل التي أورثتنا إيّاها القيادات السابقة.
كفانا صراعًا على سلطة لا تجلب إلا الويلات، وعلى ثروات لا نراها إلا في الشعارات.
آن الأوان أن نُدير بلادنا بعقل جديد، برؤية جديدة، بروح تتسع للجميع.
آن لنا أن نعيش كما يليق بنا، لا كأتباع لأوهام، بل كصُنّاع لمستقبل يستحقنا ونستحقه.
احمد السخياني