عندما يمسك المكلف بالتخاطب مع الجماهير المايكرفون ليطلب منهم مغادرة الساحة، ليردف بالقول: "الشعب يريد زباط!!"
هنا نقطة نظام كبيرة!
سيقولون: تصرفًا فرديًا!! لن نستطيع إثبات غير ذلك. آمنا بالله، فليكن فرديًا... ولكن هل يمر ذلك الحدث مرور الكرام دون تحليله ومراجعته لكي لا يتكرر؟
وإن كان تصرفًا فرديًا، لن نحمل وزر هذا الفعل العسكري وحيدًا. هناك منظومة يجب أن تعود خطوتين للخلف لتراجع أدائها. فهذا القول لن يأتي من صحراء الفراق والعدم، بل له امتداد من الشحن الخاطئ.
هناك مثل روسي يقول: لا يوجد جندي سيئ، بل يوجد ضابط سيئ... دعونا نتخيل الأمر ونجري تجربة ذهنية. ما الذي دعا هذا العسكري البائس أن يقول ذلك؟
في اعتقادي، هناك سببين جوهرين. الأول: أن العسكري اعتقد أن الوطن لايتعدى وحدته العسكرية، وأن قرار المنع للمظاهرات هو المرسوم الإلهي، ولم يسمع قط بالدستور والحقوق الدستورية. بل لقد لغن عنوه أن من يمشي على الأرض مجرد نازحين لا حقوق لهم.
والسبب الثاني هو أن هذا العسكري لمن يحدثه أحد أن المواطن حامل اللافتة هو مالك الوطن، وأنه، أي العسكري، موظف لدى المواطن
، ويجب عليه قبل أن يحادثه أن ينزل من مركبته، ويؤدي له التحية العسكرية.
هل يجب أن نقف؟ بلا، يجب أن نقف ونصرخ: اضبطوا أفرادكم، أصلحوا الخلل، ابعدوا عن المكابرة والعنجهية والتفاخر، لأنكم خدام هذا الشعب، اعترفتم بذلك أم لم تعترفوا؟
دربوا الأفراد كيف يحترموا الناس ويبجلونهم، كيف يتعاملوا معهم، ويشعروهم بالأمان لا الخوف... يجب أن تعرفوا الحقيقة المطلقة: الشعب حارسكم، ولستم حراسه، ويجب أن تكون هذه الحقيقة المطلقة شعارًا يدرس لأفرادكم صباحًا ومساءً حتى يلتصق بالذاكرة الأبدية.
الشعب يهتز جائعًا عاطشًا متذمرًا، وهو من يقرر خروجه، وليس أي جهة كانت. هذا حقه الدستوري.
العقد الاجتماعي بين السلطة والشعب منفرط أساسًا، وهم في حل عن السمع والطاعة، لأن الحكم علاقة مضطردة بين الحقوق والواجبات... والسلطة لم تقم بواجباتها، كيف لها أن تفرض على الشعب أي أمر؟
أخيرًا، أقول إن هذا العسكري نموذج شاذ يجب أن يعالج فعله نحو التصحيح، وتصدر بيانًا أمنيًا يصحح ويبرر ويعد بالاجراءات احترامًا للمواطن الذي نحن هو...
عبد الناصر السنيدي.