آخر تحديث :الجمعة-06 يونيو 2025-10:20م

صنعاء المنهكة .. ما بين شتات الناس وسطوة السلطة

الثلاثاء - 03 يونيو 2025 - الساعة 05:43 م
علوي الوازعي

بقلم: علوي الوازعي
- ارشيف الكاتب


تسير في شوارع صنعاء اليوم وكأنك تمشي في نَفَسٍ مختنق. الجوع ليس مخفيًا، والفقر لم يعد يُدارى.

على الأرصفة، مشهد متكرر: أطفال حفاة، نساء مغطّيات بعباءات ثقيلة، شيوخ بعيون غائرة، جميعهم يطلبون… ولا أحد يجيب.


منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة في 2014، تبدّلت ملامح المدينة. الرواتب قُطعت، مصادر العيش تبعثرت، والناس تُركوا لليأس.

السلطة التي ترفع شعار “الموت لأمريكا” لم تستطع أن توفر الحياة لأبناء حي شعوب أو مذبح أو صنعاء القديمة.

الدولة، أو ما تبقى منها، غائبة. ما هو حاضر فقط، هو الجباية، والتجنيد، والخطابات.

مقارنة بسيطة مع سنوات حكم علي عبد الله صالح تكشف الفارق: كانت الدولة تسرق، نعم، لكنها تَصرف أيضًا، والراتب – رغم ضآلته – كان يأتي.


اليوم، لا راتب، ولا أمل، ولا حتى كذبة محترمة.

سكان العاصمة يشعرون بأنهم محكومون لا بحكومة، بل بلجان. لا بإدارة مدنية، بل بشعار ديني غامض يتسلل إلى المدارس والجامعات وحتى المساعدات الغذائية.


في حي الحصبة، تقول أمٌّ خمسينية: "كنا نحمد الله على قليل أيام زمان، واليوم لا قليل ولا حمد".

الاستجداء أصبح سلوكًا جماعيًا، ومؤشرًا صارخًا على ما آلت إليه البلاد تحت سطوة البندقية، لا الدولة.


في صنعاء التي عاشت عقودًا من الصراع، يبدو الجوع اليوم أكثر تنظيمًا من أي وقت مضى... وكأنه سياسة، لا قدر.