آخر تحديث :الجمعة-13 يونيو 2025-06:47م

حضرموت تتحرر، تنظّم، وتنتصر

الثلاثاء - 10 يونيو 2025 - الساعة 11:59 ص
المحامي صالح عبدالله باحتيلي

بقلم: المحامي صالح عبدالله باحتيلي
- ارشيف الكاتب


لم تكن حضرموت يومًا رقماً تابعًا، ولا كيانًا هامشيًا في معادلة الجغرافيا السياسية اليمنية. بل كانت -وما زالت- مركز إشعاع حضاري واقتصادي وثقافي، حملت عبر قرون عبء الوعي والانفتاح والتاريخ الحي. واليوم، تعود حضرموت إلى الواجهة، لا من باب التبعية، بل من بوابة الإرادة الحرة، والإيمان العميق بالحق في تقرير المصير، وبناء كيانها السياسي والمؤسسي على أسس من الكرامة والهوية والوعي الجمعي.

ذهاب حضرموت في هذا الاتجاه، هو إعادة تعريف للعلاقة التي شوهها التهميش والاستغلال السياسي منذ عقود، استغلال سياسي عبر أدوات محلية غبيه تتعهد دائما افشال محاولات التحرر والنجاة، لكن هذه المرة على جنوب اليمن ان يستعد للفطام، وان يبدأ مرحلة جديدة بدون حضرموت.

فلسفة الخروج ليست رد فعل عاطفي، بل رؤية استراتيجية تستند إلى قراءة واعية للواقع، ورفض دائم للارتهان لمشاريع لا تمثل إرادة الشعب الحضرمي، ولا تحترم خصوصيته التاريخية والثقافية والاقتصادية. اذا حضرموت قررت أن تكسر حاجز الصمت وتنتقل من مرحلة التذمر إلى مرحلة الفعل.

شعب حضرموت اليوم يعيش لحظة وعي غير مسبوقة. فلم يعد الحديث عن "الاستقلال" رفاهية نخب، بل تحوّل إلى مطلب شعبي، وشعار يتردد على الألسن، و موقف تتبناه مختلف الأطياف من حلقات المقاهي والأسواق الشعبية الى قاعات الهيئات التنفيذية المحلية الى منابر منظمات المجتمع المدني والجامعات. معنى ذلك ان الإيمان بالحق في الاستقلال لم يعد نظريًا، بل ترجمته ساحات العمل، ومبادرات التأسيس، ومؤتمرات التشاور، ومسودات الهياكل التي يتم إعدادها بجدية ومسؤولية.

ما يميز المشهد الحضرمي اليوم هو أنه لا يكتفي بالصراخ ضد الظلم، بل يندفع بكل وعي نحو بناء البديل. فها هي المديريات تستفيق واحدة تلو الأخرى، لتُشكّل هيئاتها التنفيذية، وتضع أقدامها على طريق التنظيم الإداري، وتبني بنيتها التحتية السياسية من القاعدة إلى القمة. الوعي بأن التغيير لا يُمنح بل يُنتزع، دفع الحضارم إلى تجاوز الخطابات الثورية إلى الفعل المؤسسي، فباتت الخيام تُستبدل بالمكاتب، والهتافات بالقرارات.

حضرموت اليوم تقف على مفترق طرق، لا تخشى التحدي، ولا تقبل العودة إلى الوراء. التحدي القادم ليس فقط في استكمال الهيئات التنفيذية على مستوى المديريات، بل في أن يتحول هذا التنظيم إلى قوة تأثير، ورؤية شاملة، ومشروع وطني حضرمي يُفرض احترامه على الطاولة الإقليمية والدولية.

لن تنتظر حضرموت إذن من يمنحها الاعتراف، بل ستنتزعه بوعيها، ووحدتها، وبُعد رؤيتها. هي لحظة الحقيقة التي لا تحتمل التردد، والرهان اليوم على الشعب الذي أثبت مرارًا أنه أكبر من كل المعادلات العابرة.

ما يجب أن يفهمه الجميع — دون لبس أو مجاملة — أن حضرموت لن تُلحق بكيان الجنوب لا اليوم، ولا غدًا، ولا بأي صيغة. من أراد التعامل مع حضرموت، فعليه أن يدرك أن لأبنائها كلمتهم، وقرارهم، وطريقهم . لذلك لن تجدي نفعا فلسفة الأقلام البليدة، التي تشبه فلسفة تلاميذ لينين في الجنوب مع الكادحين، لقد كانت مروءة هؤلاء اكثر سقوطا، ولم تعد انعكاسا لصدق النفس ونُبلها.

اليوم يقف الحضارم أمام لحظة تاريخية. هي مشروع قيام دولة حضرموت، مشروع لا رجعة عنه، وقد بدأوا بالفعل وقادرون بتروٍّ على بناءه وصياغته بذكاء، وقادرون على خلق توافقات داخلية، وتحالفات إقليمية تُبنى على حسن الجوار. لحضرموت من المقومات ما يكفي لتكون كيانًا قائمًا بذاته يضمن كل احتياجات شعب حضرموت في لمح البصر، مساحة شاسعة تمتد من رمال صحراء الربع الخالي الى المهرة شرقا، الى عاصمتها التاريخية ميفعة وعرما غربا إلى سواحل بحر العرب وسقطرى،، وموارد طبيعية، موانئ بحرية، ورصيد تاريخي كدولة مستقلة منذ القدم .

مقال المحامي/ صالح عبدالله باحتيلي