سميح عبدالله
الأربعاء 11 يونيو 2025م
يُصاب البعض بالانزعاج كلما سمع أن كثيرًا من قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي قد فشلت، ولا تزال مستمرة في فشلها، رغم كل الشعارات والفرص التي أُتيحت لها. وأبسط مثال على ذلك، عدم قدرتهم على تشغيل مصافي عدن لسنوات مضت، في الوقت الذي يُثار فيه الضجيج لمجرد أن أحدهم يصف الواقع كما هو ويقول: "الانتقالي فشل"، فيُتهم فورًا بأنه "إصلاحي" – حتى لو لم يكن كذلك! وكأن "أسطوانة الإصلاح" باتت الذريعة الجاهزة لتبرير كل فشل.
السؤال البسيط: ما الذي يمنعكم من النهوض بمناطق سيطرتكم، بينما مأرب، الواقعة خارج نطاقكم، تُغذي عدن ومناطق الجنوب بالغاز والمشتقات النفطية؟ لماذا لا تكون لديكم الإرادة الحقيقية للإنجاز بدلًا من الانشغال بتخوين من ينتقد؟!
الاعتراف بالفشل نصف العلاج، أما المكابرة والإنكار فلن يغيّرا من الواقع شيئًا، بل سيدفعان الأمور نحو مزيد من التدهور، في ظل أوضاع معيشية خانقة يعاني منها السواد الأعظم من المواطنين. لكن وللأسف، لا تزال قطاعات من الناس منقسمة: فبعضهم يمنح ثقة عمياء للانتقالي، إما لأنه يعتبره الممثل الوحيد للقضية الجنوبية، أو بسبب مصالح شخصية، أو بدافع عاطفي موروث. والبعض الآخر فقد الأمل فيه تمامًا، وآخرون لم يثقوا به منذ البداية.
ولو استحضرنا قول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
"أيها الناس، من رأى منكم فيّ اعوجاجًا فليقوّمه"،
حين قام له رجل وقال: "والله لو رأينا فيك اعوجاجًا لقوّمناه بسيوفنا"،
فمن باب أولى أن نُحسن النقد البنّاء، وننصح دون مواربة، لأن من يُضلّل الناس عن الواقع، أو يزيّنه كذبًا، فهو شريك في الظلم والخذلان.
أما عن الواقع السياسي:
الشرعية مضغوط عليها من التحالف.
الانتقالي مضغوط عليه من التحالف.
الحوثي ضاغط ومضغوط في آنٍ معًا.
وبين كل هؤلاء، المواطن المسكين يعيش داخل "طست ضغط" يغلي على نار هادئة، حتى يُفصل لحمه عن عظمه، دون أن يكون له من الأمر شيء، رغم أن القرار في يده لو أنه اتحد وتحرر من قيود الحزبية والمناطقية.
فإلى متى ستظل الضغوط تلتهم المواطن؟
وإلى متى سيبقى مَن بيدهم القرار عاجزين عن الفعل، بسبب تمزقهم الحزبي والمناطقي؟
اللهم فرّجها على المظلومين، وارفع عن هذا الشعب الوجع والكرب.