آخر تحديث :السبت-14 يونيو 2025-08:50م

على حافة الحرب: الشرق الأوسط يقف فوق برميل بارود

الجمعة - 13 يونيو 2025 - الساعة 09:08 ص
فضل علي مندوق

بقلم: فضل علي مندوق
- ارشيف الكاتب


بقلم: م/فضل علي مندوق


في لحظة يبدو فيها أن التوترات الإقليمية بلغت نقطة اللاعودة، تتكثف المؤشرات العسكرية والدبلوماسية نحو سيناريو تصعيدي بالغ الخطورة، قد يشهد خلال الأيام القليلة المقبلة اندلاع مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، مع تورط أميركي محتمل إما بدافع الردع أو الدعم.

ليست هذه أزمة تقليدية ضمن حدود "الردع المتبادل"، بل تطور بالغ التعقيد ينذر بتفكك بنية الاستقرار الهش في المنطقة. جميع الأطراف تتعامل مع الوضع بعقلية الحرب الوقائية، لا الحرب الدفاعية. ما يعني أن أي خطأ تكتيكي أو سوء تقدير قد يشعل المنطقة من مضيق هرمز حتى المتوسط.

المشهد العسكري: الترقب المليء بالذخيرة

أجهزة الاستخبارات الغربية تؤكد أن إسرائيل أنهت استعداداتها لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وربما تفعل ذلك حتى دون تنسيق مباشر مع الولايات المتحدة. في المقابل، تستعد إيران لرد قاسٍ باستخدام ترسانتها الصاروخية الباليستية والذكية، وتفعيل جبهات متعددة عبر وكلائها الإقليميين: حزب الله، الحوثيين، والميليشيات الشيعية في العراق.

ما يثير القلق الأكبر هو أن الطرفين يعتمدان في حساباتهما على فرضية أن الآخر لا يريد الحرب. وهذا بالضبط ما يُنتج الحرب.

الولايات المتحدة: بين الدعم والارتباك الاستراتيجي

رغم أن واشنطن لم تصدر بعد إشارة صريحة بدعم ضربة إسرائيلية، إلا أنها بدأت بإخلاء موظفيها الدبلوماسيين من قواعد وسفارات في البحرين والعراق والكويت، وهو إجراء لا يُتخذ عادة إلا حين يكون خطر الضربات وشيكاً. نقل أنظمة دفاعية متقدمة إلى منطقة الخليج، وتحريك حاملات الطائرات، يؤكد أن الولايات المتحدة تتأهب لردود إيرانية، وليس مجرد تهديدات.

الانخراط الأميركي هنا لا يبدو اختياراً بقدر ما هو تحصيل حاصل، إذ أن أي ضربة إسرائيلية ستُرد عليها إيران بضرب القواعد الأميركية، فتجد واشنطن نفسها مجبرة على الرد... والدائرة تغلق.

إيران: خيارات صفرية وعقيدة الانتقام

إيران تدرك أن تلقيها لضربة إسرائيلية دون رد سيكون انتحاراً استراتيجياً يُقوض عقوداً من خطاب الردع الذي بنته. لكنها تعلم أيضاً أن الرد سيفتح أبواب الجحيم على الداخل الإيراني، عبر استهداف واسع للبنية النووية والعسكرية وحتى المؤسسات السيادية. لذلك، فإن القيادة الإيرانية تتحدث بلغة غير مسبوقة، وترفع مستوى الجاهزية إلى أقصاه.

رسائل إيران شديدة الوضوح: إذا ضُربت مفاعلاتنا النووية، فإننا سنرد بإغراق الخليج بالصواريخ، وضرب تل أبيب، وتعطيل مضيق هرمز، وربما تفعيل خلايا في العمق الإسرائيلي نفسه.

الخطر الوجودي لإسرائيل: ما وراء النووي

في المنظور الإسرائيلي، التهديد الإيراني لم يعد نووياً فقط. بل أصبح كيانياً وجودياً. فطهران لم تُخفِ نواياها المعلنة في "محو إسرائيل"، وتعمل على محاصرتها بجبهات النار: من غزة، إلى جنوب لبنان، إلى سوريا، والعراق. مع تنامي قدرات إيران التقنية وتخصيبها لليورانيوم بنسبة 90٪، ترى القيادة الإسرائيلية أن "اللحظة هي الآن"... أو لا شيء.

هذا الإحساس بالخطر الوجودي يدفع إسرائيل نحو اتخاذ قرار قد لا تُرجِئه حتى انتهاء جولة مفاوضات مسقط النووية.

السيناريوهات المحتملة: أي باب للجحيم يُفتح أولاً؟

1. الضربة الإسرائيلية المفاجئة: وهي الأكثر احتمالاً، قد تبدأ خلال أيام قليلة، وتستهدف منشآت نووية ومراكز قيادة إيرانية، مع تكنولوجيا "ضربات متعددة متزامنة" لإرباك منظومة الدفاع الإيرانية.

2. الرد الإيراني المتعدد الجبهات: باستخدام صواريخ دقيقة تطال الجليل والنقب، ومعارك برية محدودة في الجنوب اللبناني، وتفعيل الحوثيين لضربات بحرية بالصواريخ والطائرات المسيرة.

3. الرد الأميركي الحتمي: إذا هاجمت إيران قاعدة أميركية واحدة، فإن الرد الأميركي لن يكون محدوداً، بل سيطال بنيتها التحتية العسكرية والنووية.

4. توسع الحرب إقليمياً: تشتعل جبهات اليمن وسوريا ولبنان والعراق، ويُغلق مضيق هرمز وباب المندب، وتدخل سلاسل الطاقة العالمية في حالة شلل.

التحذير الاستراتيجي: الساعات الحرجة قادمة

الشرق الأوسط يقف الآن على عتبة "حرب كبرى" قد تعيد رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة، وتُسقط أنظمة، وتُنهك اقتصادات. وإذا اندلعت هذه الحرب، فإن أحداً لن يقدر على وقفها سريعاً. ستتسع رقعتها، وتفلت من قبضة الحسابات العقلانية، وتتحول إلى صراع إقليمي مفتوح، وربما عالمي غير مباشر، بين معسكرات كبرى.

الخطر ليس في نية الحرب فحسب، بل في توافر ظروفها. واليوم، للأسف، تبدو الظروف ناضجة بما يكفي لاشتعالها.

هل تشتعل الشرارة؟

المنطقة تعيش حالة ما قبل العاصفة. التقديرات العسكرية تشير إلى أن الأيام القادمة ستكون حاسمة، بل ربما قاتلة. الموقف الآن لا يحتمل التأجيل، والمواجهة تبدو أقرب من أي وقت مضى منذ عقود.

التحذير الصريح: إذا لم تُوقف جولة مسقط أو قنوات التواصل الخلفية هذا الجنون، فإن الشرق الأوسط سيدخل حرباً، قد لا يخرج منها أحد منتصراً.