محمد عبدالله الموس
كنت ذات يوم من ايام التسعينات في مكتبي حين دخل احد الاصدقاء وكان امام مسجد في أحد أحياء عدن الغربية وقال لي ان (فلانا)، وكان محاسبا في إحدى المؤسسات الحكومية، لم ينجز مستحقاتي المالية، فرفعت سماعة الهاتف وطلبت منه ان ينجز مستحقات الشيخ واردفتها بكلمتين من حق عيال عدن، فقال صديقي المحاسب (خليه يجي اليوم).
ضحك الشيخ عندما قلت له (روح للمحاسب الآن) وقال: هذا بذكري بقصة شاب من عيال منطقتنا، بالمناسبة صديقي الشيخ من منطقة الصبيحة حيث (قفاشتهم) تنتزع منك الضحكة انتزاعا.
قال الشبخ ان زوجة احد شبابهم غضبت من زوجها وذهبت الى بيت ابيها، وعندما ذهب الزوج في اليوم التالي ليردها الى بيت الزوجية، سلم على عمه وبدأ الكلام بقول (صل عالنبي ياعم) فقال العم، اذهب ما عندي لك زوجة فخرج الزوج خائبا، وتكررت محاولات الزوج وفي كل مرة (يبدأ كلامة بطلب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) ولكن العم يرد له بنفس الرد، روح ما عندي لك زوجة.
وذات يوم بعد خروجهم من الصلاة جلس ساندا ظهرة الى جدار المسجد فقابله احد كبار السن وقال له، مالك يا ولدي ايش فيك؟ فقال الشاب عمي ما رضي يرجع لي زوجتي، فأخذ بيده وقال له قم، وذهبا الى بيت اهل زوجته وصاح يا فلان فخرج العم، فقال له (مالك ما ترد بنت .... لأبن....) مستخدما مفردات من احاديث المباسطات، ان جاز التعبير، على غرار شعر المباسطات عند العرب، فقال ابو البنت (ما جاش يتكلم كذا بالطيب مثلك).
في واقعة اخرى اخذت شهرتها من مقولة (الصلاة عالعصا) فقد قيل ان لأخوين حق في ميراث لدى عمهما وكان احدهما مسالما فيما الآخر عنيفا، وذات يوم كان الشاب المسالم يكلم عمه بالحسنى مثل كل مرة، والعم يرفض النقاش في كل مرة، ذاك اليوم كان الشاب المسالم يطلب من عمه الصلاة على النبي وفجاة ظهر الشاب العنيف مهرولا وبيده عصا فقال العم مرعوبا (الصلاة عالعصا) واطلق ساقيه للريح.
يقول المثل العامي المصري (ناس تخاف ما تختشيش)، وإذا كانت الوقائع التي سردناها ينطبق عليها المثل المصري فأنه ينطبق أيضا على شرعية التنابلة وأجهزتها كلها بدون استثناء.
فكل شيء في حياة الناس يذهب من سئ الى أسوأ ولا نسمع الا وعود كاذبة ومواكب ضخمة ولا يقدمون شيئا يفرح الناس ومع ذلك يتسشبثون بكراسي السلطة، حتى اني سمعت ان احد الوزراء قال (ما كنت اريد هذه الوزارة، كنت اريد الوزارة الفلانية) وزير دلوع يربد وزارة مليحة تناسب بدلته.
كابوس المعاناة سيعبر عن نفسه ذات يوم، اما الكابوس المزدوج القادم فستنفرد بنشره سلطتا صنعاء وعدن وستظهر نتائجة في السنوات القليلة القادمة.
السلطة في صنعاء تعمل على شحن عقول النشئ والشباب بثقافة القتل وسيظهر جيل قادم سينفجر في وجوه الجميع، فيما يحدث العكس في مناطق سيطرة الشرعية حيث يجري اهمال التعليم تماما وهكذا سنجد اجيال يشكلون مادة خام لكل صور التطرف والبلطجة، واذا اضفنا الى ذلك الجوع الذي يعانيه النشئ والشباب في مناطق الحوثي والشرعية فسيكون الانتقام من المجتمع سيد المشهد القادم، وواهم من يظن انه بعيد من الضرر.
تلك هي وريثة سلطة متطرفة في مناطق سيطرة الحوثي وسلطة مهترئة في مناطق سيطرة الشرعية، وكفى.
عدن
١٥ يونيو ٢٠٢٥م