آخر تحديث :الجمعة-27 يونيو 2025-05:02ص

صرخة في وجه الواقع: لماذا اليمن؟

الإثنين - 16 يونيو 2025 - الساعة 02:08 م
معتز الجعمي

بقلم: معتز الجعمي
- ارشيف الكاتب


يُقال في حكمة بالغة: "إذا أحب الله عبداً ابتلاه". وعلى هذا المبدأ، نتأمل ونستفسر، لماذا اليمن بالذات من بين كل دول العالم، عربية كانت أم إسلامية أم أجنبية، يواجه هذا القدر من التحديات والابتلاءات؟


عندما نتفحص حال العالم ، نجد #اليمن يتصدر المشهد في جوانب مؤلمة: هو الأول في انتشار السلاح واستخدامه بين المواطنين. هو الأول في خوض غمار الحروب، سواء كانت أهلية داخلية أم صراعات خارجية. هو الأول في تدهور الاقتصاد، حيث تتصدر آفة القات المشهد، مستنزفةً للموارد ومرهقةً لكاهل المواطن ليل نهار.


بينما تشهد دول العالم، حتى النامية والفقيرة منها، تقدماً ملحوظاً في العلم والبناء والتنمية والتطور، نجد اليمن وكأنها تسير عكس التيار، تتراجع نحو الأسوأ. فقر مدقع، بطالة مستشرية، نزاعات دموية، ثارات متجددة، انتشار لظواهر سلبية كقطع الطرق والسرقة، تفشي الجهل، تعمق العنصرية والطبقيه، جمود وتمسك في بعض العادات والتقاليد التي تعيق التقدم، وظهور انحرافات سلوكية. بل وتبرز ظواهر دخيلة وغريبة عن مجتمعنا، كالإلحاد والمثلية، والمجاهرة بالمعاصي والتفاخر بها، والانفتاح وغيرها الكثير مما يثير القلق.


فلماذا اليمن وحدها تجمع كل هذه المظاهر السلبية دون غيرها؟ قد نجد بعض هذه السلبيات في دول أخرى، لكنها غالباً ما تكون محاطة بإيجابيات طاغية تعكس صورة مختلفة، فلا تكاد تلاحظ الجانب السلبي بسهولة. أما في اليمن، فتبدو هذه المظاهر السلبية وكأنها تتجمع وتتفاقم، لتطغى على المشهد العام.


فما الذي يدعونا إذاً لأن نُردد ونُفاخر ونزايد ؟ على أي أساس نرفع رؤوسنا حين يُقال لنا: "ارفع رأسك، أنت يمني!"؟ أليس هذا مدعاة للعجب والدهشة؟


هل نفخر بأننا شعب يجيد الشيلات والقصائد التفاخرية، التي قد تُكتب على لسان شاعرٍ أرهقه القات، أو استدان ثمنه من جاره، أو رهن جنبيته عند بائع القات؟ هل نفخر بأننا يمنيون لمجرد أننا نتباهى بحمل السلاح، بينما أهلنا لا يجدون شربة ماء؟ بماذا نفخر بالسرقة والنهب، وأكل حقوق المساكين، والتجبر عليهم؟


بينما العالم يرتاد الفضاء، ويشيد ناطحات السحاب، ويركب القطارات فائقة السرعة، ويبني ويعمر ويُشيّد، بينما نحن، إذا أردنا أن نُعايرهم أو نُفاخرهم أو نُنافسهم، نُذكّرهم بعرش بلقيس الذي بناه عظماء من قبلنا، ثم قمنا نحن بنهبه والحفر حوله وتكسيره وتخريبه! بماذا نتفاخر أيضاً؟ بسد مأرب الذي رممته لنا دول أخرى؟


بماذا تفخر يا ابن #تعز؟ أتموت عطشاً وجوعاً، وتعيش الذل والهوان والقتل والتشريد، ثم تأتي لتتغنى بجبل صبر أو بقلعة القاهرة أو بشجرة عتيقة دار عليها الزمن؟

بماذا تتغنى يا ابن #إب وتفاخر بأن إب خضراء وفيها المطر، لتلتقط أجمل الصور والسيلفي؟ فماذا نفعك اخضرارها وأجواؤها وأنت تقاوم الجوع وتموت كمداً وظلماً واستعباداً؟

وبماذا تفخرين يا #صنعاء؟ أي تطور وصلتِ إليه مقارنة بعواصم العالم؟ هل بشارع السبعين مثلاً؟ أم بدار الحجر؟ أم بجبل عصر الذي أصبح المكان الأربح لمضغ القات وشرب الشيشة والتقاط الصور؟ كلها أماكن قديمة من صنع أجيال سابقة، أما الجبل فهو من خلق الله!

وأنتِ يا #عدن، ماذا صُنع لكِ؟ لا شيء يُذكر!


وعلى هذا فقس في كل محافظات اليمن.


فما الذي يدعونا إذاً للتفاخر ونحن متأخرون عن ركب العالم بمسافات شاسعة؟ أم أن التفاخر أصبح هو الحل الأنسب لمواساة أنفسنا وتبرير تخلفنا؟ وهل هذا التخلف والتاخر عن العالم ابتلاء من الله لنا، وسيعقبة بعد ذلك خيرا وعوض أم أن هذا هو واقعنا الافتراضي الذي لا مفر منه ولا عوض عنه؟