آخر تحديث :الثلاثاء-24 يونيو 2025-03:10م

من العسكرة إلى السياسة

الخميس - 19 يونيو 2025 - الساعة 03:40 م
عصام مريسي

بقلم: عصام مريسي
- ارشيف الكاتب


في زمن اختلت فيه الموازين وبعد إن اختلط الحابل بالنابل صار ت السياسة رديفة القرار العسكري بعد أن كان من المتعارف عليه ولحفظ سيادة وحيادية الجيش تخليه عن الإنتماءات الحزبية والسياسية والعمل تحت مظلة الوطنية في ظل تنفيذ واجباته في الدفاع عن حدود وأمن البلاد من أي عدوان خارجي.

نلاحظ فيما بعد عام ٢٠١٥م وتحرير المحافظات الجنوبية وبعض محافظات الشمال تولي قيادات عسكرية لمواقع قيادية في بعض الوحدات العسكرية وتحولها من موقعها هذا إلى سلطات الدولة الثلاث بل وربما تتعدى إلى ماهو أبعد من ذلك فلم تقتصر مهامهم على الواجبات العسكرية بل أصبحت تمارس مهام السلطة التنفيذية وإصدار القرارات والتعينات التي هي من صلب مهام السلطة التنفيذية بل وأصبحت رديف لكثير من الوزارات في اتخاذ القرارات والمهام.

وفي أحيان أخرى تقوم بمهام السلطة التشريعية في ظل غياب السلطة التشريعية وقصور عملها الذي تحول إلى حضور موسمي وشكلي مادامت نفقات السلطة تصرف في مواعيدها .

وتارة تقوم بتحقيق عمل السلطة القضائية في بعض القضايا واصدار الاحكام في النزاعات والمخالفات.

فيلاحظ تحول بعض قادة الوحدات العسكرية والألوية والقطاعات إلى دولة مصغرة داخل الدولة في ظل الضعف الذي تعيشه الدولة وعدم قدرتها على معالجة الأمور وتدبير شؤون البلاد.

فاصبح قادة بعض الوحدات يمثلون حكام دويلات في مناطق تواجدهم وربما يتفاقم سطوتهم ليقفوا في وجه الدولة معارضين او منتقدين بعض قراراتها وإن كانت هشة وركيكة لكن مثل تلك المواقف تقود اليلاد نحو مزيد من التشتت والأنهيار واختلاط المهام .

ومثل هذا الوضع هو نتيجة طبيعية لتعدد القيادات والجهات السياسية التي تقود البلاد مع عدم التوافق بينها.

إن تعدد الجهات صاحبة القرار يزيد من تدهور الأوضاع والسير بها نحو منعطف خطير قد يفضي لمزيد من الصراعات التي قد تتحول إلى اقتتال يصحبه المزيد من التدهور الأقتصادي والمعيشي والأجتماعي ونقص وربما انعدام الخدمات.

ولن يوقف هذا العبث والتخبط السياسي إلا قيام دولة واختيار شخصيات سياسية منتخبة بعيدا عن التعينات التي تخضع للحسابات الحزبية والمناطقية الضيقة.

الوطن ينهار.. وكثرة الطباخين يفسد المرق.

عصام مريسي