آخر تحديث :السبت-16 أغسطس 2025-09:50ص

المدرسة الحقلية .. جامعة الفلاح المفتوحة تحت ظل الشجرة

الأحد - 22 يونيو 2025 - الساعة 04:58 م
م. عبدالقادر خضر السميطي

بقلم: م. عبدالقادر خضر السميطي
- ارشيف الكاتب



في زمنٍ تتراجع فيه أعداد المرشدين الزراعيين وتزداد فيه التحديات التي تواجه الفلاح، برزت فكرة المدارس الحقلية كوسيلة ذكية وفعّالة لتعزيز المعارف الزراعية ونقل التوصيات الفنية من المختبر إلى الحقل، ومن الخبير إلى يد الفلاح مباشرة.


ماذا نعني بالمدارس الحقلية؟


المدرسة الحقلية ليست مبنىً ولا سبورةً وطباشير بل هي حقلٌ مفتوح وفكرة حية وتجمع معرفيّ بين الفلاحين والخبراء إنها جسر تواصل حقيقي يجمع الفلاح بخبير الزراعة ويجعل من الأرض صفًا دراسيًا ومن النبات كتابًا ومن التجربة برهانًا عمليًا حيًا.هناك مقولة تقول ...

أن للزراعة جناحان أحدهما البحوث والآخر الإرشاد الزراعي وإذا شُلّ جناحٌ لا تطير الزراعة


كيف تعمل المدرسة الحقلية؟


مع بداية الموسم الزراعي يتم تدشين المدرسة الحقلية عبر اختيار مجموعة مكونة من 10 إلى 25 مزارعًا، يُفضّل أن يكونوا من نفس المنطقة الجغرافية ويزرعون نفس المحصول، لضمان الاستفادة الجماعية والمركزة.


يتم تقييمهم وإجراء اختبارات بسيطة لتحديد مدى استعدادهم لنقل ما سيتعلمونه لأن الهدف هو تمكينهم من لعب دور المرشد الزراعي في مجتمعاتهم ما يتعلمه المزارع في المدرسة الحقلية لا يبقى حكرًا عليه بل يُنقل شفهيًا وعمليًا إلى جيرانه وزملائه في الميدان.


ماذا يحدث في جلسات المدرسة الحقلية؟


كل جلسة تُعقد في الحقل نفسه وتتناول مرحلة من مراحل زراعة المحصول من اختيار البذور واختبار انباتها إلى الزراعه و الري والتسميد المكافحة وطريقة الرش وحتى الحصاد وما بعد الحصاد

في المدرسة الحقليه العمليه

يتم تقسيم الحضور إلى مجموعات صغيرة تقوم بجولات في الحقل تراقب وتسجل الملاحظات ثم تعود لمناقشتها مع المرشد أو المهندس الزراعي


وإن وجدت مشكلة أو إصابة نباتية تتجاوز خبرة الحضور يتم استدعاء خبير زراعي مختص ليُقدم التوصية المناسبة ويوضح كيفية المعالجة


المدارس الحقلية: زنبيل تنمية!


ليست الزراعة وحدها محور المدارس الحقلية بل تمتد الأنشطة لتشمل التغذيةو تربية الحيوانات وتربية نحل العسل والدواجن والصحة وحتى التعليم والمجتمع ولذلك دعوني أطلق عليها اسم شعبي (المدرسة الحقلية مثل زنبيل حريوه) فيها من كل شيء تحتاجه العروس!!!!!اي تحتوي على كوكتيل من المعلومات والانشطة

فهي تحمل تنمية شاملة وتعزز المعرفة من البذور حتى الثمار


لماذا نحتاجها اليوم؟


في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وانقطاع الكثير من خدمات الإرشاد أصبحت المدارس الحقلية أداةً لا غنى عنها فهي تُبقي المزارع على تماسّ دائم بالمعلومة الصحيحة وتمكّنه من اتخاذ القرار الزراعي المناسب وتفتح أمامه أبوابًا لتبادل الخبرات.


ختامًا...


إن الاستثمار في المدارس الحقلية هو استثمار في عقل الفلاح وخبرته وهو الطريق الحقيقي نحو زراعة واعية إنتاج مستدام وتنمية من قلب الريف.

فكما يقول المثل:

"اسقِي الأرض علمًا تنتج ذهبًا


فلنُفعّل المدارس الحقلية في كل قرية ولنُعيد للحقول نبض الحياة وللمزارعين احترام المعرفة

عبدالقادر السميطي

دلتا أبين