في الوقت الذي يعاني فيه المواطن اليمني من تداعيات الحرب والفقر والنزوح، تزداد مآسيه في الداخل والخارج بسبب ممارسات حكومية غير قانونية تمارس بحقه باسم "الدولة"، بينما جوهرها فسادٌ منظم وابتزازٌ ممنهج.
إن إجبار المواطن اليمني على دفع مبالغ مالية باهظة في سفارات وقنصليات بلده لاستخراج أبسط وثائقه – كالهوية الوطنية – يُعد انتهاكًا صارخًا للدستور اليمني وقانون الأحوال المدنية والسجل المدني. هذا السلوك المهين لا يمثل دولة تحترم شعبها، بل يعكس صورة شبكة من المصالح التي استمرأت سرقة المواطن وتجويعه.
🔹 المواطن بين مطرقة الفساد وسندان الاغتراب
اليوم، لم يعد استخراج بطاقة هوية أو شهادة ميلاد مسألة إدارية بسيطة، بل معركة يخوضها المواطن في طوابير السفارات ودوائر المهجر، حيث يُطلب منه دفع رسوم غير قانونية تجاوزت في بعض الأحيان 150 دولارًا أمريكيًا للوثيقة الواحدة، في مخالفة مباشرة لما تنص عليه القوانين اليمنية.
⚖️ الأساس القانوني والحقوقي:
أولاً: من الدستور اليمني:
المادة (6): "تلتزم الدولة باتفاقيات حقوق الإنسان وتحترمها وتكفل تطبيقها".
المادة (41): "المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة".
المادة (53): "تكفل الدولة للمواطنين الحق في الحصول على الوثائق الرسمية دون تمييز أو ابتزاز".
ثانيًا: من قانون الأحوال المدنية والسجل المدني رقم (23) لسنة 1991م:
المادة (24): "تصدر البطاقة الشخصية مجاناً لأول مرة".
المادة (37): "يحظر على أي جهة فرض رسوم غير منصوص عليها في القانون".
المادة (39): "يُعاقب كل من يتقاضى رسوماً غير قانونية أو يستخدم منصبه لتحقيق مكاسب غير مشروعة".
💸 سرقات موثقة من حكومة الفساد
الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا – حكومة المهجر – لم تكتفِ بعجزها السياسي والإداري، بل مارست النهب المنظم للمال العام، نذكر منها:
رواتب ضخمة ومخصصات بالعملة الصعبة لمسؤولين يقيمون في فنادق الرياض والقاهرة بينما الشعب يتضور جوعًا.
فساد بعقود استيراد مشتقات نفطية وهمية باسم "دعم الكهرباء".
فضيحة تهريب العملة من البنك المركزي في عدن إلى بنوك خاصة بحماية مسؤولين حكوميين.
السفارات أصبحت بوابات جباية لا تقدم خدمات حقيقية، بل تبتز المغترب دون حسيب.
🌍 مسؤولية دول الجوار في الفوضى المتعمدة
لا يمكن إغفال أن دول الجوار – وعلى رأسها التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات – ساهمت بشكل مباشر في تفكيك الدولة اليمنية، عبر:
1-تمويل فصائل مسلحة خارجة عن القانون بدلًا من دعم الجيش الوطني.
2-السماح بتكوين كيانات سياسية وعسكرية بديلة للدولة اليمنية.
3-دعم تشكيلات مناطقية تخدم أجندات تقسيم جغرافي وثقافي.
4-غض الطرف عن النهب المنظم للثروات النفطية والمعادن في حضرموت وشبوة.
📝 المطالب والبلاغ:
بناءً على ما سبق، نطالب بما يلي:
1. فتح تحقيق عاجل من قبل النائب العام اليمني في ممارسات الجباية غير القانونية من قبل السفارات.
2. إحالة المسؤولين عن فرض الرسوم إلى القضاء بتهمة مخالفة الدستور والاستغلال الوظيفي.
3. رد جميع الأموال التي دُفعت مقابل استخراج الهوية أو وثائق أخرى خلافًا للقانون.
4. تقديم بلاغ ضد:
رئيس مجلس القيادة وأعضاء حكومته في الخارج.
السفارات والقنصليات اليمنية التي تورطت في الابتزاز.
5. دعوة جميع المواطنين والمغتربين إلى مقاطعة الدفع غير القانوني، والمطالبة بحقوقهم عبر القنوات القانونية.
كفى عبثًا!
لم يُخلق اليمنيون ليكونوا ضحايا لجشع نخبة فاسدة ولا أدوات لنهب دولي ممنهج. آن أوان أن يعلو صوت المواطن ويُحاسب كل فاسد، وأن تعود كرامة اليمني محفوظة في وطنه ومهجره، لا أن تُختزل في ختم سفارة أو توقيع موظف مرتشٍ.
----
د محمد جمال عبدالناصر بن عبود