في عالم الصحافة والسياسة، تبدو العلاقة بين الصحفي والسياسي أشبه برقصة على حبل مشدود، يغلب عليها التوتر وعدم الأمان. فطبيعة عمل الصحفي المهني والمستقل تقتضي تسليط الضوء على زلات وأخطاء السياسيين، وكشف ما قد يُخفى عن أعين الجمهور، وهو ما يجعل السياسي دائماً في حالة ترقب وحذر من "عين الصحافة" التي لا تنام.
هذه العلاقة المتوترة ليست من فراغ، بل هي جزء من وظيفة الصحافة الحقيقية، التي وُجدت لتكون سلطة رقابية تضع الجميع تحت المجهر، وتمنح المواطن حق المعرفة. فالصحفي المستقل لا يهادن ولا يجامل، بل يبحث عن الحقيقة، حتى لو كانت على حساب راحة السياسي أو سمعته.
أما في الصحف الرسمية والحزبية، فالأمر مختلف تماماً. هنا يتحول الصحفي إلى تابع "مسكين" للسياسي، يكتب ما يُملى عليه، ويغض الطرف عن الأخطاء، بل وربما يزينها ويبررها. في هذه الحالة، يفقد الصحفي دوره الحقيقي، وتتحول الصحافة إلى أداة ترويجية لا أكثر.
في النهاية، تظل العلاقة بين الصحفي والسياسي مرهونة بمدى استقلالية الصحافة ومهنيتها. فكلما كانت الصحافة حرة، زاد توتر السياسيين، وكلما كانت تابعة، نام السياسيون قريري العيون...
أما الصحفي، فإما أن يكون عين المجتمع الساهرة، أو مجرد "مسكين" في بلاط السلطة!..