في القرآن الكريم، تبرز سورة الرحمن كجوهرة فريدة يطلق عليها البعض "عروس القرآن"، لما تحمله من معانٍ سامية وجمال بلاغي يأسر القلوب والعقول.
من أبرز ما يميز هذه السورة الكريمة تكرار جملة "فبأي آلاء ربكما تكذبان" 31 مرة، وهو تكرار يثير التأمل والتساؤل حول مغزاه العميق.
تتناول سورة الرحمن الحديث عن نعم الله الكثيرة، وتعرض مشاهد من الجنة والنار، فتدعو الإنسان إلى التفكر في عظمة الخالق وفضله. وعندما يتحدث الله تعالى عن الجنة في قوله: "ولمن خاف مقام ربه جنتان"، يكرر بعدها عبارة "فبأي آلاء ربكما تكذبان" ثماني مرات، وكأن في ذلك إشارة رمزية إلى أبواب الجنة الثمانية التي أعدها الله لعباده المتقين.
أما عند الحديث عن النار، فيقول تعالى: "سنفرغ لكم أيها الثقلان"، ويأتي بعدها تكرار العبارة سبع مرات، في إشارة إلى أبواب جهنم السبعة، وكأن السورة ترسم أمام القارئ لوحة متكاملة عن مصير الإنسان بين النعيم والعذاب، وتدعوه للاختيار بين الطريقين.
ومن اللافت للنظر أن عدد آيات سورة الرحمن هو 78 آية، وهو عدد يحمل دلالات رمزية عميقة اذا ما فصلنا الرقمين عن بعض نجدهما بعدد ابواب الجنة وعدد ابواب النار.
ويعكس التناسق العددي والإعجاز البلاغي في القرآن الكريم.
هكذا تظل سورة الرحمن منبعاً للتدبر والتأمل، تذكرنا بنعم الله التي لا تعد ولا تحصى، وتحثنا على شكر الخالق العظيم وعدم جحود فضله وآلآئه التي لاتحصى..