آخر تحديث :السبت-16 أغسطس 2025-07:18م

التعليم يحتضر... والوزارة تعلن بداية عام جديد!

الثلاثاء - 15 يوليو 2025 - الساعة 11:05 ص
منى علي سالم البان

بقلم: منى علي سالم البان
- ارشيف الكاتب



مع اقتراب العام الدراسي الجديد، أعلنت وزارة التربية والتعليم التقويم المدرسي بكل ثقة، حدّدت فيه مواعيد الدوام، والاختبارات، وبداية ونهاية كل فصل دراسي، وكأنّ كل شيء يسير على ما يرام!

وكأنّ العام الماضي لم ينتهِ على وقع الشلل التام، والإضرابات المفتوحة، والمدارس المهجورة، والطلاب التائهين بين قرارات وزارية غائبة عن الواقع، ومعلمين يعانون من انقطاع الرواتب وغياب الحوافز لأشهر طويلة.

عام دراسي انتهى قبل أن يبدأ..

خلال العام الدراسي الماضي، توقفت العملية التعليمية في معظم المدارس الحكومية لفترات طويلة، نتيجة إضرابات نفذها المعلمون احتجاجًا على عدم انتظام صرف رواتبهم وعدم حصولهم على أي حوافز أو بدلات.

آلاف الطلاب لم يتمكنوا من إكمال المنهج الدراسي، بعضهم لم يتلقَّ أي تعليم فعلي. ورغم ذلك، أُجريت اختبارات شكلية، وتقرر "نجاحهم" إداريًا، في صورة عبثية تُجسّد انهيار المنظومة التعليمية، وكأنّ منح شهادة نهاية العام لا يحتاج سوى لقرار،

لا لتعليم.

ومع فشل العام الدراسي، لم تتحرك الوزارة لمحاسبة أي جهة، ولم تُبادر إلى حوار جاد مع نقابات المعلمين، ولم تُطرح أي خطة إصلاحية، بل تم تجاوز الأزمة وكأنها لم تكن، في تجاهل صارخ لما يعانيه التعليم في البلاد.


تقويم جديد... بلا حلول...

في يوليو الجاري، أصدرت وزارة التربية والتعليم تقويمها الرسمي للعام الدراسي القادم، معلنة أن الدراسة ستبدأ خلال أيام.

لكن اللافت أن الوزارة تجاهلت كليًا الإشارة إلى:


أزمة الإضراب المستمرة في القطاع التعليمي.


انقطاع العملية التعليمية لفترات طويلة خلال العام الماضي.


غياب أي خطة لتعويض الطلاب عن الفاقد التعليمي.


استمرار تردي أوضاع المعلمين والمدارس.

كل ذلك يوحي بأن الوزارة تعيش في واقع موازٍ، منفصل عن مشهد الحرب والفقر وتدهور الخدمات الأساسية، حيث بات المعلم يضطر أحيانًا لبيع ممتلكاته من أجل إعالة أسرته، بينما تفشل الجهات الرسمية في ضمان أبسط حقوقه.

هل يدفع الطالب ثمن الانهيار؟

مع استمرار الأزمة المالية وعجز الدولة عن صرف الرواتب، بدأ البعض يروج لمقترح يُلزم أولياء الأمور بدفع مبالغ شهرية للمدارس الحكومية، تحت ذريعة دعم التعليم وتوفير الحوافز للمعلمين وتشغيل المدارس.

لكن هذا المقترح، وإن بدا عمليًا نظريًا، يصطدم بواقع اقتصادي مأساوي:


أكثر من 80% من السكان يعيشون تحت خط الفقر.


مئات الآلاف من الموظفين لا يتقاضون رواتبهم بشكل منتظم.


أغلب الأسر لديها أكثر من طفل في المدرسة، ما يجعل أي التزام مالي إضافي عبئًا لا يُطاق.

التعليم الحكومي ليس خدمة مدفوعة، بل هو حق دستوري مكفول، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤولية توفيره، لا أن تنقل العبء إلى كاهل المواطن المنهك.


إن إصلاح التعليم يبدأ من الاعتراف بالأزمة فلا يمكن بدء عام دراسي جديد بنفس الآلية الفاشلة، ولا يمكن القفز على كارثة العام الماضي دون مواجهتها.

إن الإصلاح الحقيقي يبدأ بإقرار الواقع كما هو، وبوضع خطة إنقاذ عاجلة تشمل:

تعويض الفاقد التعليمي عبر برامج مكثفة ومناهج مكيّفة.

التزام واضح بانتظام بصرف رواتب المعلمين مع رفعها بما يتناسب والوضع المعيشي .


خاتمة

إن تجاهل الأزمة التعليمية لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور.

أن تُعلن وزارة التربية عن تقويم جديد دون أن تفتح ملف العام الدراسي المنهار، هو استمرار لنهج الإنكار والهروب إلى الأمام.


كفى عبثًا، كفى تجاهلًا... فالمستقبل لا ينتظر.


كتب /

منى علي سالم البان

14 يوليو 2025