آخر تحديث :الإثنين-08 سبتمبر 2025-07:56م

حين يرقص المسؤولون على جوعنا!

الأربعاء - 16 يوليو 2025 - الساعة 10:19 م
محمد بن عقيل

بقلم: محمد بن عقيل
- ارشيف الكاتب


في حضرموت تلك الأرض الطاهرة التي كانت يوما مهدا للحضارة أصبح المواطن يعيش كالغريب يتلمس حقوقه كما يتلمس الجائع بقايا الخبز في القمامة حضرموت اليوم ليست كما كانت بل صارت مسرحا للمهزلة الكبرى حيث يتعفن العدل في الزوايا وتغني المهرجانات على جراحنا المفتوحة!


هنا الكهرباء حلم مؤجل والماء شحيح والدواء رفاهية والراتب نكتة حزينة والدولار يقفز كل صباح والبترول يصعد بلا فرامل والمواطن ينزل في كل شيء إلا في صمته


في حضرموت المسؤول لا يغيب فقط عن الوعي بل يغيب عن الوجود كله! تبحث عنه في ملف الخدمات فلا تجده تفتشه في أزمة الديزل فلا يظهر لكنك حتما ستجده موجودا بابتسامة عريضة خلف شريط قص شرفي لمهرجان البلدة أو خلف كواليس حفل الإنجازات الوهمية بينما خزينة الدولة تتبخر تحت أقدام الراقصين


أي سخرية أكبر من أن تموت الأسر من الجوع بينما تصرف الملايين على مهرجانات البهجة !

هل أصبحنا نحتفل بالخيانة؟ أم نرقص على أنغام ضعفنا !


ولأن المصائب لا تأتي فرادى

فتش عن بعض خطباء المساجد عن أهل الكلمة عن رجال الدين أين أنتم؟ أصبحتم مجرد أدوات صوتية تعيد نفس الخطب المعلبة وتغض الطرف عن واقع يغلي غلي أين حديثكم عن الظلم؟ عن أكل أموال الناس بالباطل؟ أم أن الخوف على مناصبكم أكبر من الخوف من الله؟ ثم لا نستغرب حين نرى الخطباء يشكون من قلة الحضور في المساجد فالناس لا تأتي لكي تستمع إلى موعظة تخلو من الشجاعة


ثم نأتي للمشهد الأكثر عبثا شعب يرى يسمع يتألم ثم يصمت كأنهم في جنازة طويلة لا يريدون أن يرفعوا رؤوسهم فيها ولا يعلمون أن سكوتهم هو الضوء الأخضر الذي يحتاجه الفاسد كي يستمر في سحقهم بدم بارد


حضرموت ليست فقيرة لكنها نُهبت

حضرموت ليست صامتة بل أُسكتت

حضرموت لا تموت لكنها تذبح كل يوم بخنجر اسمه تطنيش تبذير تبرير وتبرج المسؤولين


نحن لا نحتاج إلى مهرجانات نحتاج كهرباء

لا نحتاج إلى أغاني بلدة نحتاج حقوق

لا نريد مسؤول يتحدث عن الصيف السياحي بل عن الصيف الجهنمي الذي نعيشه دون مكيف دون راتب دون أمل


من المضحك والمبكي في الوقت ذاته أن ترى حضرموت الغنية بالنفط الفقيرة بالكهرباء!

حضرموت التي تملأ جيوب اليمن كلها بينما جيب المواطن الحضرمي لا يجد فيه سوى الهواء


نعيش في محافظة تدار بعقلية الاحتفال وسط الأنقاض مدينة تشبه عروسا جميلة أجبرت على الزواج من لص أخرق لا يعرف من المسؤولية إلا قص الشريط والتقاط الصور وإلقاء الخطب الفارغة أمام الكاميرات


أين ذهبت المليارات؟ أين تذهب عائدات النفط؟

كم تبقى لنا من البلدة بعد أن تحولت إلى موسم تلميع للفشل !


وتتحدث عن الصبر على الفقر كأنه واجب شرعي وتغض الطرف عن ناهب الفقراء وكأنه ولي نعمة

لو صدحتم بالحق كما تصدحون بآيات الصبر لارتعدت فرائص المسؤولين!


لكننا ويا للعجب أصبحنا نشكر من يسرقنا إذا لم يشتمنا ونمدح من ينهبنا إذا ألقى علينا السلام!


فصوتنا أقوى من مراكزهم لو أردنا


لا تظنوا أن الصمت حكمة ولا أن الصبر على الذل إيمان من يصمت على الجوع سيتعود عليه

ومن يصمت على الظلم سيصبح عبداً له


نحن لا نكتب لنبكي بل لنوقظ

لا نكتب لنلطم الخدود بل لنكسر القيود

وهذا المقال ليس مجرد حروف بل صفعة في وجه كل من باعنا وسكت عنا واستغلنا وضحك علينا بالمهرجانات والوعود الكادبه بينما أطفالنا يدرسون على ضوء الشمعة!


نداء أخير لمن بقي في قلبه شيء من نخوة


كفى عبثا

كفى تجاهلا

كفى تسولا لحقوق يفترض أن تكون على طبق من الكرامة لا على رصيف الإهانة


حضرموت تستحق الأفضل

لكنها لن تحصل عليه ما لم تُكسر الأبواب المغلقة وتخلع الكراسي الفاسدة وتكتم الضحكات الباردة في وجوه شعب محترق!


في الختام:

يا من تملكون القرار

إن لم تستحوا مما فعلتم فاستقيلوا!

ويا من تصمتون عن حقكم

اعلموا أن من يخاف من الفاسد يصبح شريكًا له

دون توقيع