آخر تحديث :السبت-16 أغسطس 2025-07:18م

التعليم في مفترق الطرق: بين مناهج جامدة وغسيل أدمغة... هل نملك شجاعة التغيير؟

السبت - 02 أغسطس 2025 - الساعة 02:54 م
منى علي سالم البان

بقلم: منى علي سالم البان
- ارشيف الكاتب


لا يزال نظامنا التعليمي عالقًا في الماضي، بمناهج جامدة، مملة، مكرّرة، لا تفهم الواقع، ولا تملك أدوات المستقبل.في الوقتٍ الذي يتغير فيه العالم بسرعة مذهلة...

فجيل اليوم لا يحتاج لعبارات فقدت معناها مثل: الطقس حار صيفًا وبارد شتاءً"، بل يحتاج أن يتعلم عن الاحتباس الحراري، التغير المناخي، الذكاء الاصطناعي، الثورة الرقمية، والعلوم الحيوية الحديثة.

حتى الخرائط تغيّرت، فشكل الأرض وحدود الدول لم يعد كما كان قبل عشرين عامًا، ومع ذلك، نواصل التعليم بأدوات قديمة لا تعكس لا الحاضر ولا المستقبل.

أما التاريخ؟ فكأن الزمن يتوقف في مناهجنا عند حفنة من الأحداث والشخصيات، بينما العالم من حولنا يمر بتحولات فكرية وسياسية واجتماعية عميقة.

نُحرم أبناءنا من فهم الحاضر، ونتركهم أسرى لرؤية مشوّهة للماضي، لا تعينهم على فهم العالم ولا على المساهمة في تغييره.

✖️ ما زلنا نغرق الطلاب في الحشو والتكرار، كأنهم آلات حفظ، لا عقول تفكر.

✖️ ندرّس موادًا لا تصنع مهارات، ولا تفتح أبوابًا، ولا تعد الطالب لأي مستقبل، لا عملي ولا فكري.

ولعل أبسط مشهد يُجسّد هذا الانهيار هو حال الكتب المدرسية نفسها:

📚 كتب ممزقة، باهتة، لا تظهر كتاباتها من كثرة تكرار النسخ عبر سنوات ، كتب مرقّعة بشريط لاصق، أو ممتلئة بحشو ممل، حتى اختنق الورق من سطوة التكرار...

كيف نُقنع طفلًا بأهمية التعلم، وهو لا يجد أمامه سوى أوراق مهترئة تنتمي إلى ماضٍ لا يشبه حاضره؟

إن تردّي حال الكتاب المدرسي ليس تفصيلًا هامشيًا، بل مرآة لانهيار كامل في الرؤية والأولوية.

والمشكلة ليست فقط في إضراب المعلمين أو غيابهم عن المدارس بسبب مطالبهم بحقوقهم،

بل في جوهر ما يُدرّس داخل الفصل، لا فقط في سبب غياب من يدرّس.

المناهج نفسها أصبحت عبئًا على الطالب والمعلم معًا، لا تُواكب العصر ولا تخدم الوطن.

والأخطر أن هناك من أدرك خطورة هذا السلاح واستغله، فمليشيا الحوثي مثلًا لم تنتظر...

بل غيّرت المناهج بالكامل لتخدم فكرها الطائفي، وحوّلت التعليم إلى أداة لغسل أدمغة الأطفال وتطويع وعيهم لصالح مشروعها العقائدي.

أما نحن؟

فما زلنا نراوح في المكان ذاته، بانتظار لجان تلد لجانًا، واجتماعات لا تلد سوى مزيد من التبرير والتأجيل.


والنتيجة؟

🔻 جيل ممزق بين عقول متبلّدة بالجمود والتكرار،

🔻 وعقول مشحونة بأفكار متطرفة،

ولا مساحة آمنة لعقل حر مبدع، ولا أرضية لرؤية وطنية جامعة.

نحن بحاجة إلى ثورة جذرية في التعليم،

مناهج تفتح نوافذ الفكر، وتُعيد للطالب دوره كصانع معرفة لا مجرد حافظ معلومات.

جيلنا لا يحتاج إلى تعليم ميت، بل إلى تعليم يُعيد إليه الحياة،

تعليم يحرره من قيود الماضي، ويمنحه الأدوات ليصنع الغد.

التغيير لم يعد خيارًا، بل هو ضرورة وطنية عاجلة،

وليس رفاهية، بل مصير وطن.

وكل يوم نتأخر فيه عن تطوير التعليم، هو يوم نُسلّم فيه عقول أطفالنا إما للجهل… أو للتطرف.

فهل نملك الشجاعة لنكسر قيود الجمود ونبني تعليمًا يليق بطموحاتنا وأحلامنا؟

أم سنظل أسرى لمناهج عفا عليها الزمن، ونترك أبناءنا يدفعون الثمن؟


كتب /

منى البان

1 أغسطس 2025