آخر تحديث :الجمعة-15 أغسطس 2025-12:55ص

اليوم العالمي للشباب ومرارة الواقع

الثلاثاء - 12 أغسطس 2025 - الساعة 05:33 م
علي عبدالإله سلام

بقلم: علي عبدالإله سلام
- ارشيف الكاتب


خمسة عشر عاماً مضت منذ أن جمعتنا هذه الصورة على مضمار ملعب جامعي. كنا شباباً من كل أنحاء اليمن، لا يُسأل أحدنا من أين جاء، ولا ما لونه أو لهجته أو خلفيته. كنا نلتقي على براءة الحلم، ونختلف في التفاصيل الصغيرة، لكننا نتشابه في الأمل الكبير.

اليوم، وأنا أتأمل تلك الوجوه، أرى كيف فرّقت بنا دروب الحياة:

منهم من رحل مبكراً تاركاً خلفه وجع الفقد، ومنهم من ارتقى إلى مواقع القرار، ومنهم من هاجر ليكتب فصلاً جديداً في وطن بديل، ومنهم من ظلّ في اليمن يواجه بأظافره واقعاً مريضاً أنهكته الحروب، ومنهم من حوّل طاقته إلى عمل خاص وصنع لنفسه طريقاً رغم العواصف.

لكن بين الأمس واليوم، تغيّر المشهد كثيراً. كنّا نحمل أحلاماً أكبر من أجسادنا، واليوم كثير من شبابنا يُساقون قسراً إلى ميادين الصراع، يُستَخدمون وقوداً في حروب لا تنتهي، ويُستَثمر غضبهم في معارك لا تخدم مستقبلهم. تقلّصت مساحات اللعب إلى ساحات قتال، وحلّ خطاب التعبئة محلّ لغة الطموح.

إن اليوم العالمي للشباب ليس مناسبة للتهنئة فحسب، بل هو وقفة أمام المرآة. الشباب هم قلب الأمة النابض، واليد التي تبني حاضرها وتخطّ ملامح غدها. وحين يُهمَّش هذا القلب أو يُستنزف، تذبل الأوطان.

هذه الصورة ليست مجرد ذكرى جامعية؛ إنها وثيقة شاهدة على ما كان يمكن أن يكون. شاهدة على جيل كان قادراً أن يصنع المعجزات لو أُتيح له السلام، ولو حُوّلت طاقاته من ساحات النزاع إلى منصات العلم والعمل والإبداع.

في هذا اليوم، ليتنا نعيد للشباب ما يستحقونه: فرصة عادلة، وحقاً في حياة كريمة، ومكاناً في طاولة القرار. فالأوطان التي تضع شبابها في مقدمة الصفوف للبناء، لا تخشى الغد؛ أما التي تدفعهم إلى محرقة الحرب، فإنها تحكم على مستقبلها بالغياب.