استطاعت الثورة السبتمبرية الليبية من انتزاع الحكم من الأسرة السنوسية الحاكمة والقضاء على ٱخر حكمامها محمد الإدريسي وإعلان قيام الجمهورية الليبية في عام ١٩٦٩ بقيادة الضباط الأحرار بزعامة معمر القذافي الذي انفراد بصلاحيات واسعة دون مجلس قيادة الثورة الذي ضم إلى جواره الضباط الأحرار ليتكون المجلس من ثلاثة عشر ضابط على رأسهم معمر القذافي الذي استمر حتى نهاية العام ١٩٧٦وبداية العام ١٩٧٧م حيث أعلن القذافي حل مجلس قيادة الثورة ليكتسب صلاحيات الإنفراد بالحكم والأتجاه بقيادة الدولة نحو الصلاحيات الفردية وتغير مسار الثورة الشوروي في رسم السياسة العامة للدولة وقيادة الجيش والحياة العامة لجمهورية تجمع نسيج اجتماعي متعدد الطوائف ما بين قبائل الليبو والقبائل العربية منهم قبائل السادة العلويين الذين انفردوا بالسلطة خلال فترات سابقة انطلاقا من احقيتهم بقيادة البلاد باعتبارهم من فئة الاشراف السادة المنتمون لأل البيت العلوي والفاطمي إلى جانب القبائل الأفريقية والامازيقية.
ذلك النسيج الإجتماعي والقبلي بتألفه واختلافاته تفرق بين مناطق ليبيا شمالها وجنوبها شرقها وغربها ووسطها حيث ا استحوذت بعض القبائل على مناطق معينة جعلت منها موطن لتلك القبائل دون غيرها حيث الغرب كان حظوة القبائل الأمازيق والشرق لقبائل الليبو والجنوب للاقليات الأفريقية والشمال والشمال الشرقي للقبائل العربية وظلت سيادة الدولة بيد قبائل الليبو بعد التنكيل يالقبائل العربية الحاكمة قبل اندلاع الثورة الليبية بقيادة الضباط الأحرار ولهذا كانت العلاقات بين النسيج الإجتماعي المتعدد علاقات يسودها الحذر والتوتر.
انغلق معمر القذافي رغم الشعارات الإشتراكية والعلمانية التي كان يستقيها من تجارب الإتحاد السوفيتي ودول المعسكر الشرقي وعلى الأخص يوغسلافيا ليتبنى فكرة إقامة الدولة ليضع خلاصة تجارب تلك الدول على ما اعتقده ضرورة من مبادى الإسلام غير مراعي خصوصية المجتمع القبلي الذي ينتمي إليه
لينتج للعالم نظريات لا تناسب إلا معمر القذافي في طيشه السياسي وإخفاقاته الفكرية التي قفزت بعيدا عن المجتمع القبلي الليبي المزيج من الثقافات القبلية المختلفة.
وهو في خضم تلك القفزات لا يترك لعامة الشعب الفرصة بممارسة الأدوار السياسية والأشتراك في الحياة الفكرية إلا للمقربين من أسرته وقبيلته قبائل القذافة .
ولم يتوانى عن محاربة وبعنف كل من يخالف فكره وعقائدة وقناعاته وكأنه أراد لكل ليبيا أن تعيش تحت جلبابه.
ومع استمرار جلوسه على عرش الجمهورية التي اصبحت جماهيرية عظمى ودخوله في تحديات دولية مع أمريكا ودول اوربا عاشت ليبيا والشعب الليبي في عزلة مع الخارج.
تلك العزلة التي انعكست على حياة الشعب الليبي اقتصاديا حيث لم تقام المشاريع الحيوية المطلوبة في الوقت الذي تصرف النفقات الطائلة على مشاريع وهمية او ذات طابع شكلي لا تعود بالنفع على اقتصاد ليبيا.
وظل القذافي يلهث وراء مشاريع تكسبه شهرة على مستوى القارة الأفريقية حتى نال لقب ملك افريقيا لكن شعب ليبيا لم يستفد شيىا من تلك الالقاب بل تركت في نفوس الليبين النقمة والكراهية لحكم القذافي الذي بدأ يتجه نحو التوريث بتعين اولاده في مناصب تهيؤهم لتربع عرش الجماهيرية الملكية ما ساق الأمور نحو الإنفلات وما انطلقت شرارة ثورات شغب الربيع الخريفي حتى انخرط الغاضبون الليبيون لينكلوا بقائد الثورة ويصبوا نقمتهم تجاهه ليسقط رمز الثورة السبتمبرية وتنتكس الثورة بعد أكثر من اربعين عقد مضت.
عصام مريسي