آخر تحديث :الإثنين-03 نوفمبر 2025-12:34ص

السلام المطلوب.. رؤية لمستقبل اليمن

الأربعاء - 10 سبتمبر 2025 - الساعة 09:26 ص
عبدالله ناجي علي

بقلم: عبدالله ناجي علي
- ارشيف الكاتب


بقلم / عبدالله ناجي علي


أي سلام قادم لليمن لن يكتب له النجاح إذا لم يعالج أولاً إشكالية التوزيع العادل للسلطة والثروة، فجوهر الصراع في البلاد منذ عقود يتمحور حولهما، وما عدا ذلك يبقى مجرد تفاصيل ثانوية.


إن أي تسوية سياسية لا تتضمن معالجة هذه المعضلة ستؤول حتمًا إلى الفشل، وستعيد إنتاج الأزمات بصورة أشد قسوة. والأهم من ذلك أن القضية الجنوبية العادلة لا بد أن تُحل حلاً منصفًا يرضي غالبية الشعب الجنوبي، وإلا فإن اليمن ستظل مهددة بمخاطر كبيرة ومؤلمة في المستقبل، وهو ما نتمناه جميعًا أن لا يحدث.


غياب سلام حقيقي يحقق هذه المعايير لن يقتصر أثره السلبي على الداخل اليمني، بل سيمتد إلى الإقليم والعالم بحكم الموقع الاستراتيجي الحساس لليمن. فبلدنا غني بالثروات الطبيعية المتنوعة، لكنه يفتقر إلى نظام سياسي اتحادي ومدني يضمن التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، ويؤسس لتوزيع عادل للسلطة والثروة.


اليمن اليوم يمتلك رصيدًا ضخمًا من الكفاءات العلمية القادرة على إدارة الحكم المدني الرشيد، وصياغة نقلة نوعية في حياة المواطنين على مختلف المستويات المعيشية والصحية والتعليمية والثقافية والخدمية. إلا أن ذلك لن يتحقق إلا في ظل سلام حقيقي يلبي احتياجات المجتمع المحلي، ويؤسس لتنمية شاملة تعود بالنفع على الشعب، لا لسلام يكرّس مصالح المتصارعين على السلطة، المشبعين بالعصبيات القبلية والمناطقية والأسرية، والأخطر من ذلك الطائفية والمذهبية والسلالية.


لقد دمرت الحرب شعبنا وأوصلته إلى وضع معيشي وخدماتي لا يُطاق، فيما يعيش معظم الساسة – خاصةً أولئك الذين يقيمون في الخارج – حياة الترف واللهو. وهذه مفارقة مؤلمة تلخص حجم المأساة الوطنية.


إن المطلوب اليوم من القوى السياسية المؤمنة بالسلام أن ترفع شعارًا واحدًا لا لبس فيه: السلام ثم السلام ثم السلام. سلام يعيد للإنسان اليمني كرامته وحقه في الحياة، ويعيد للوطن استقراره ومكانته.