آخر تحديث :السبت-01 نوفمبر 2025-09:06م

لا تمتحنوا صبر الشعب ، إني لكم لمن الناصحين ،،

السبت - 13 سبتمبر 2025 - الساعة 05:42 م
د. سعيد سالم الحرباجي

بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
- ارشيف الكاتب



شهد الأسبوع الماضي أحداثاً دامية في جمهورية النيبال اسفرت عن هروب رئيس مجلس الوزراء وعدد من المسؤولين ، وأعلن الجيش السيطرة الكاملة على العاصمة ( كاتماندو ) وفرض حالة الطوارئ ، ريثما يتم الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة .


أياماً معدودات احتاجها الثوار حتى نزعوا جذور الفساد ، وطردوا المفسدين ، وأحرقوا عدداً من منازلهم التي بُنِيَتْ من أموال الشعب المقهور .



أياماً قلائل ..

هاج خلالها الشعب المقهور ، المكلوم ،

المظلوم ، المنهوبة أموالُه ، والمسلوبة حريتُه ، المصادرة إرادتُه فكانت النتيجة .....

عملية جراحية بسيطة استأصل من خلالها الثائرون ورم الفساد ، والقوا الفاسدين في زنازين السجون ، وشرد من تمكن منهم من بطش الثوار.


وهاهم الثوار - اليوم - يتفقون على تعيين ( شوشيلا كاركي ) كأول امرأة تشغل منصب رئيس حكومة في النيبال ، وهي قانونية كانت تشغل رئيسة المحكمة العليا ، وحددوا الخامس من مارس 2026م موعداً لإجراء انتخابات في البلاد .



هكذا هو حال الشعوب عندما يُسْتَخفٌُ بها ، وتُهان كرامتها ، وَتُصادر حريتها ، وَتُسلب إرادتها ، وَيُعبث بمقدراتها ، وَيُتعمَّدُ إذلالُها ..


تصبر ، وتتصبَّر ، وتئنٌّ وتتحمل ، وتُداري جِراحَها ...

ولكن حينما يتجاوز الظلم مداه ، وحينما يتعدى الاستخفاف حدوده ، وحينما يبلغ القهر ذروته ..


يتحول ذلك الأنين الخافت إلى بركان

متلف ، ويتطور ذلك الصوت الخفي إلى رعد مزمجر ، وتتحور تلك الوداعة الضعيفة إلى طوفان مُدمُِرُ.


عندها لا تستطيع قوى الفساد - مهما بالغت في استخدام القوة الأمنية - أن تقف كسد منيع أمام ذلك الطوفان البشري .


ولعل الصورة الحية للطوفان البشري في النيبال خير شاهد ..

وقد رأينا كيف استطاعت الجماهير الثائرة - هناك- أن تتحول إلى طوفان مُدَمٌِرُ لم تتمكن قوى الأمن من الوقوف أمامه ، ولا التصدي له ، ولا إيقاف مده !!!


بل تهاوت له جُدُرُ الظلم ، وسقطت في طريقه قلاع الفساد ....لكأنما هي حواجز مصنوعة من أعواد العزف !!!


وهكذا هي إرادة الشعوب حينما يستخف بها الطغاة ، والمجرمون....

تصبر ...لكن لصبرها حدود .

تتحمل ...لكن لِتَحَمٌِلها وقت معدود .


وحينما تشعر أنها فقدت كل شيء ، وخسرت كل شيء ، ولم يعد يهمها أي شيء ..

تثور كالبراكين ، وتزحف كالطوفان ، وتزأر كالاسود ، وتنطلق كالنسور ..

فلا يوقفها حاجز ، ولا يردعها رادع ، ولا يقف في طريقها سد منيع ...حتى تهدم قلاع الظلم ، وتنزع قوى الشر ، وتزيل بؤر الفساد .


ولنا في التاريخ القديم والحديث

دروس وعبر وعظات ...

فهل من مُعْتَبرُ ؟؟!!


قادتنا الكرام ،،،

لقد بلغ الظلم اليوم بالشعب اليمني مداه ، وأصبح الفساد كسرطان خبيث ينهش أجساد المواطنين ، ولم يعد للشعب ما يخسره البتة .


هل تعلمون أنَّ الموظف لم يحصل على راتبه التافه لأربعة أشهر متتالية ؟

هل تعلمون أنَّ انقطاع الكهرباء قد وصل في عدن الحبيبة إلى اثنتي عشرة ساعة ؟

هل تعلمون أنَّ هناك كارثة حلت بالتعليم ؟

هل تعلمون حجم الفساد في القضاء ؟

وهل تعلمون ماذا يفعل هوامير الصرافة بالمواطنين ؟

وهل تعلمون ، وهل تعلمون ، وهل تعلمون......؟


فماذا أبقيتم - إذا - للمواطن الذي تدندنون على مصالحه ، وتتغنون بخدمته ، ووصلتم إلى الكراسي بغباه ؟!!!

وماذا بقي لكم من اسم المسؤولية ؟؟!!


وهل تنظنون أنَّ الخطابات الرنانة التي تطلقونها باسم

الشعب المسكين ستطيل وقت الصمت ؟

وهل تعتقدون أنَّ الصبر على القهر ، والظلم، والفساد ، والجوع ، والحرمان سيستمر ؟؟!!


أدركوا أنفسكم ، وتوجٌَهوا إلى الشعب ، واتخذوا خطوات جادة تلامس واقع المواطنين...

لعلها تشفع لكم ، وتنقذكم من بطشهم .


وإياكم وامتحان صبر المقهورين ، وإياكم والاستخفاف بدعوات المظلومين ، وإياكم والتغافل عن أنات المحرومين .


كم أتمنى أن تلامس هذه الكلمات ضمائركم وتقرؤها

بقلوبكم ،وتوعوها بأفئدكم .


لأني كتبت كلماتها بدمع عيني ، وسجلت حروفها بصدق مشاعري ، ضمنت معانيها بخفقان قلبي .


لا أحب المناكفات السياسية القذرة ، ولا أميل للدعاية الإعلامية الساقطة ، ولا أرغب في التشفي بأحد ...

ولكنه الواجب الشرعي الذي يحتٌم علينا النصيحة ، ويوجب علينا قول الحق .

وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ .