مع انطلاق العام الدراسي الجديد 2025 – 2026، يعيش أكثر من سبعة آلاف طالب وطالبة من أبناء الجالية اليمنية في مصر مأساة تعليمية غير مسبوقة، بعد أن استمر إغلاق المدارس اليمنية في القاهرة للعام الثاني، في مشهد يعكس خللاً عميقاً في الأداء الدبلوماسي والمؤسسي اليمني.
بينما يتوقع أبناء الجالية أن تكون سفارتهم الحاضن الأول لهم والمدافع عن حقوقهم، بدت السفارة اليمنية في القاهرة عاجزة عن القيام بدورها في متابعة الملف التعليمي مع السلطات المصرية. تأخر الإجراءات، غياب المتابعة الجادة، وضعف التنسيق، كلها عوامل ساهمت في تعقيد المشهد وحرمان آلاف الطلاب من حقهم في التعليم.
لقد كان بإمكان السفارة، لو مارست دورها بمسؤولية وحرص، أن تنهي هذه الأزمة قبل أن تتفاقم، لكنها تركت القضية تتراكم حتى تحولت إلى مأزق حقيقي يهدد مستقبل جيل كامل.
لا يكفي أن ترفع السفارة شعارات الاهتمام بالجالية اليمنية في مصر، إذا كانت عاجزة عن تحقيق أبسط المطالب المتمثلة في ضمان استمرار العملية التعليمية. الدبلوماسية ليست مجرد حضور شكلي أو بيانات بروتوكولية، بل هي قدرة على التأثير والإقناع والتفاوض مع الجهات المضيفة لحماية حقوق المواطنين. وما نشهده اليوم ليس إلا دبلوماسية شكلية بلا مضمون.
ضحايا هذا القصور ليسوا موظفي السفارة أو ملاك المدارس، بل آلاف الأطفال الذين يقفون على أبواب عام دراسي جديد بلا مقاعد دراسية. حيث أن الأسر اليمنية تعيش حالة من القلق والضغط النفسي، وهي ترى أبناءها مهددين بضياع سنوات دراسية لا تعوض. إن ما يحدث يمثل إخلالاً بالمسؤولية الوطنية وخرقاً لحق أساسي نصت عليه القوانين الدولية والشرائع الإنسانية.
إن استمرار هذه الأزمة يفرض على الحكومة اليمنية فتح ملف السفارة في القاهرة بجدية، ومساءلة القائمين عليها عن هذا الفشل الذريع. كما يفرض على السفارة نفسها أن تتحمل مسؤوليتها فوراً، من خلال تحرك عاجل وفاعل مع السلطات المصرية لتذليل العقبات وإنهاء معاناة الطلاب وأسرهم مقارنة بالمدارس اليمنية في جميع أنحاء العالم.
فلا مبرر لاستمرار هذا الصمت، ولا عذر في ترك جيل كامل يواجه مستقبلاً مجهولاً بسبب تقصير دبلوماسي واضح.