آخر تحديث :الخميس-25 ديسمبر 2025-07:16ص

لماذا الكيل بمكيالين؟ إلى يحيى غالب الشعيبي

الجمعة - 19 سبتمبر 2025 - الساعة 09:22 ص
صالح مبارك الغرابي

بقلم: صالح مبارك الغرابي
- ارشيف الكاتب



الأستاذ يحيى غالب الشعيبي، أثناء مرافقتك لمحافظ محافظة حضرموت في نزوله الأخير إلى المشقاص مديرية الريدة وقصيعر، رأيناك حريصًا أشد الحرص على زيارة منزل السيد علي سالم البيض في منطقة معبر. ونحن لا نمانع هذه الزيارة، فالبيض أحد رموز الوطن حتى وإن اختلفنا معه في أشياء كثيرة، ومنها ما نحن فيه اليوم من ورطة كبيرة يصعب الخروج منها، وقد عشنا بفعل ساستنا أوهامًا طويلة طيلة الفترة الماضية وحتى هذه اللحظة.


زيارة منزلٍ خاوي على عروشه لفترات طويلة قد تحمل ما تحمل من رمزية، ومع ذلك تقبلها الناس احترامًا لصاحب المنزل. لكن الحقيقة أن الأولى بك، بل الواجب عليك قانونيًا كأحد السياسيين الحاليين، أن تزور وتتفقّد أحوال كثير من نشطاء الثورة الجنوبية القدامى، ممن سالت دماؤهم في الساحات دفاعًا عن هذه الثورة التي نراها اليوم تتعثر خطواتها إلى الوراء لأسباب عديدة.


وأنت مارّ في الخط الدولي الواصل إلى مديرية الريدة وقصيعر، كان عليك أن تقتطع دقائق معدودة من وقتك لزيارة منزل الشهيد عفيف الوحيري في الديس الشرقية، ذاك الفتى الذي رفض الذل والمهانة فقدم روحه لتنتصر الثورة. ومع ذلك، نُسي أو تُناسيَت أسرته التي لا يعلم بحالها إلا الله.


في مدينة المكلا وحدها، عشرات الأسر قدّمت شهداء وجرحى في سبيل الثورة الجنوبية. وحتى إن حاولنا الشرح عن معاناتها، سيطول بنا المقام. لذلك أعطيك مثالًا واحدًا: محمد سعيد بن حازم، أحد أبرز ثوار هذه الثورة التي تتغنون بها ليل نهار. كان صادقًا ومقدامًا وكاد أن يرتقي شهيدًا مثل كثير من إخوانه، لكن بعون الله بقي حيًا ليرى ما آل إليه حاله وحال رفاقه الصادقين.


محمد سعيد بن حازم يعيش اليوم إعاقة مستدامة يعرف الجميع سببها، وأظنك تعرف ذلك بحكم موقعك. ومع هذا، لم نرَ لك بادرة لزيارته رغم أنه غالبًا ما يتواجد في فترات المساء بالقرب من الدلة. أليس من حقه عليك التفقد والسؤال؟


محمد سعيد بن حازم يتقاضى راتبًا بائسًا لا يتجاوز ستين ألف ريال، بالكاد تكفي عشرة أيام في ظل الغلاء الفاحش، وهي راتبه الشهري كله. كان من الواجب على القيادة شرعًا وقانونًا رفع رواتب هؤلاء المناضلين بالعملة الصعبة، أسوةً بكثيرين يتقاضون بالدولار أو الريال السعودي دون أن يقدموا للثورة عُشر ما قدمه بن حازم ورفاقه.


نأمل أن تكون هناك التفاتة صادقة تجاه هؤلاء الأبطال إن كنتم تريدون النجاح أن يحالفكم، لا أن تستمروا في سياسة الكيل بمكيالين. أعيدوا النظر، وأعطوا كل ذي حق حقه بعيدًا عن المحسوبية ومرض القرابة الذي كان السبب الرئيس فيما نحن فيه اليوم.