آخر تحديث :الثلاثاء-18 نوفمبر 2025-07:53ص

هكذا كانت عدن.. وكيف هي اليوم؟!

الأحد - 21 سبتمبر 2025 - الساعة 07:14 م
محمد سعيد الزعبلي

بقلم: محمد سعيد الزعبلي
- ارشيف الكاتب


/محمد سعيد الزعبلي


من المعروف لدى جميع المتابعين المهتمين بتاريخ مدينة عدن الحضاري، أن هذه المدينة العريقة كانت السبّاقة والرائدة في مجالات النهضة والتطور على مستوى الجزيرة العربية.

عدن لم تكن مجرد مدينة، بل كانت نموذجاً حضارياً متقدماً سبق عصره في مجالات متعددة، حيث كانت أول مدينة تنشئ المسرح الوطني، والسباقة في بناء الأندية والملاعب الرياضية لكرة القدم، ومن أوائل المدن التي دشنت وسائل الإعلام كالإذاعة والتلفزيون، وسبقت غيرها في إنشاء دور السينما كمراكز ثقافية وترفيهية، وسبقت الجميع في بناء المستشفيات الحديثة، وعلى رأسها مستشفى الملكة البريطانية إليزابيث، المعروف حالياً بـ(مستشفى الجمهورية) في خورمكسر.

تميزت بإنشاء المدارس الأهلية والرسمية التي شكلت نواة التعليم الحديث، وشيدت مطار عدن الدولي، الذي كان في وقتٍ من الأوقات الثاني على مستوى العالم،

امتلكت ميناء عدن الدولي، والذي احتل المركز الثالث عالمياً حينها من حيث النشاط والحركة التجارية، كما شهدت المدينة قيام المنطقة الحرة في التواهي، ما جعلها مركزاً اقتصادياً حيوياً على مستوى الإقليم والعالم.

ومن أبرز الشواهد على عراقة عدن: صهاريج عدن التاريخية، وجبل حديد الذي قيل إنه شُيِّد في عهد شداد بن عاد، وقلعة صيرة، الحصن التاريخي المنيع، ومنارة عدن، إحدى أقدم منارات البحر في المنطقة كما أشار إلى ذلك المؤرخ محيرز في كتابه، مؤكداً أن عدن كانت سباقة في إنشاء تلك المعالم الحضارية والتاريخية العظيمة.

ولكن.. كيف هي عدن اليوم؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه بقوة. هل ما زالت عدن كما كانت؟ هل لا تزال في صدارة المشهد الحضاري؟ للأسف، الواقع الحالي يُظهر لنا صورة مختلفة تماماً.

عدن اليوم تعاني من تدهور في البنية التحتية، وإهمال للمعالم التاريخية، وغياب واضح للمظاهر الثقافية والفنية، وتراجع في دورها الاقتصادي والتجاري، واختلال في الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم والمرافق العامة.

عدن التي كانت يوماً ما في مقدمة العواصم العربية حضارةً وتطوراً، أصبحت اليوم تئنّ تحت وطأة الإهمال والعبث والتهميش.

إن الواجب الوطني والإنساني والتاريخي يحتم علينا جميعاً – مسؤولين ومواطنين، مثقفين وناشطين – أن نقف وقفة جادة من أجل هذه المدينة العريقة.

فعدن ليست مجرد مدينة على خارطة الوطن، بل هي ذاكرة أمة، ومهد حضارة، وواجهة بحرية وثقافية فريدة. عدن تستحق الوفاء، وتستحق أن تُعاد لها مكانتها التي سُلبت، وتُنقذ من واقع لا يليق بتاريخها ولا بأهلها.

فلنكن جميعاً على قدر المسؤولية، ولنعمل من أجل أن تعود عدن كما كانت... بل أفضل مما كانت.