/احمد محمود السلامي
الهجر الجميل ليس انكساراً ولا انهزاماً، بل هو ارتقاءٌ يختار صاحبه أن يحفظ قلبه من العطب ، وأن يصون روحه من التشوه . هو أن تغادر بصمت ناضج ، بلا صخب ولا خصام ، تاركاً خلفك مساحة نقية تليق بك وبالآخر .
قد يؤلمك الرحيل، لكنك تبتسم لأنك تعلم أن بعض المسافات أرحم من الاقتراب المرهق ، وأن بعض العلاقات لا يجملها سوى البعد اللطيف الذي يقيك من الانكسار ويحفظ للآخر مكانته .
الهجر الجميل هو أن تُنهي حكاية دون أن تُمزّق صفحاتها ، أن تُطفئ شمعة دون أن تدوس على بقاياها . فليست كل النهايات تستحق الضجيج ، وليست كل الفصول تُغلق بالأبواب الموصدة . أحياناً يكفي أن تُبقي شعرة معاوية قائمة، رفيعة ولكنها صامدة ، لتظل الذكرى محتملة ، والودّ ممكناً ، والجرح خفيفاً يبرأ مع الوقت .
إنه أدب الروح حين تختار أن تنسحب بكرامة ، وتترك خلفك أثراً جميلاً لا يجرح ، لأنك تدرك أن القلوب تُكرم بالسلام ، حتى وهي تغادر .