لا يختلف اثنان أن الداخل اليمني يعيش اليوم أسوأ مراحله. الأزمات الاقتصادية تنهش حياة الناس، والبنية التحتية تكاد تختفي من المشهد، فيما الحكومة تقف عاجزة منذ أشهر عن دفع رواتب الموظفين، والكهرباء شبه معدومة. في المقابل، يواصل الحوثي حربه العبثية التي حولت اليمن إلى ساحة صراع مفتوحة بلا أفق ولا نهاية، مرسماً صورة قاتمة تجعل المواطن يشعر وكأنه محاصر بين جدران متداعية فقدت أساسها.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل ما مثّلته مشاركة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. فقد ظهر هناك بوجه مختلف، حمل معه اليمن إلى منبر دولي واسع، وجعل قادة العالم يلتفتون إلى قضيتنا مجددًا. هذا النجاح الخارجي لا يُمكن إنكاره، بل يمثل بصيص أمل وسط عتمة الداخل.
لكن الحقيقة المرة تكمن في الفجوة الكبيرة بين ما يتحقق في الخارج وما نعيشه نحن في الداخل. فبينما ينجح العليمي في تقديم اليمن كدولة كادت تختفي عن المشهد السياسي الدولي، واعتُبرت لسنوات دولة هامشية منزوعة السيادة ومرهونة تجاذبات إقليمية تحت مظلة القرار 2216، جاء حضوره في نيويورك ليعيد تسليط الضوء على اليمن بصورة غير متوقعة. لقد قدم نفسه وبلده على طاولة السياسة العالمية بملامح يصعب تجاهلها، في وقت كان المنظور العام لشخصه مرتبطًا بعجزه عن توفير أبسط مقومات الحياة لشعبه الغارق في الفقر، وانعدام الخدمات، واستبداد المليشيات.
اليمن اليوم بحاجة إلى حضور سياسي لامع، لكن هذا الحضور يجب أن يقترن بمشروع وطني يعيد لها روحها ويوقف نزيفها. أما الاكتفاء بالنجاحات الخارجية دون معالجة الداخل، فهو أمر لا يساوي شيئًا إذا بقيت البلاد غارقة في الفوضى والانقسام.
إنها لحظة اختبار حقيقية للرئيس العليمي: هل سيتمكن من تحويل الدعم والزخم الدولي إلى خطوات عملية تنعكس على حياة المواطن، أم أن نجاحه الخارجي سيبقى مجرد صورة سياسية براقة داخل إطار مكسور؟
في الواقع، استطاع رئيس مجلس القيادة أن يعيد بعض الأمل لنا كمواطنين، بعدما كاد اليأس يخيم على بلاد أنهكتها مليشيات لا يهمها سوى التدمير، وتحويل اليمن إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات بين إيران والكيان الصهيوني على حساب الأرض والإنسان.