آخر تحديث :الأحد-07 ديسمبر 2025-07:43م

تعز المدينة المقبورة وحقيقة حمود سعيد

الإثنين - 29 سبتمبر 2025 - الساعة 07:46 ص
غمدان ابواصبع

بقلم: غمدان ابواصبع
- ارشيف الكاتب


الثورة والحرية ليستا مجرد شعارات تُرفع في المناسبات، بل هما فكر وإيمان وسلوك وممارسات تُترجم على الأرض، غير أن تعز، التي حُمّلت آمال التحرر، وجدت نفسها رهينة لشعارات جوفاء استُغلت لتبرير نهبها وإفقادها روحها. ففي سياق هذا الاستغلال، تبنّى "إصلاح تعز حمود سعيد مظلة قابلة للاستخدام السياسي والإعلامي، فتمت صناعة صورة "القائد الملهم عبر ماكينة دعائية ضخمة، بينما الواقع يُظهر أنه لم يدافع يومًا عن قريته ولا عن بيته ولا عن مسقط رأسه، بل مارس النهب والسلب حتى انتهى به الحال مُرحّلاً إلى تركيا، كما تُرحَّل أدوات الحزب بعد استهلاك أدوارها.


ورغم هذا التاريخ، خرج حمود سعيد متحدثًا في ذكرى الثورة، متجاهلًا الواقع البائس الذي تعيشه تعز تحت هيمنة سالم وعبدالقوي المخلافي وعارف جامل وغيرهم. والمفارقة أن الرجل الذي شيّد "مدينة سكنية" للأتراك المتضررين من الزلزال، لم يُقدّم للتعزي المقهور سقفًا واحدًا يقيه المطر، بل كان دوره في الداخل نهب مساكن المواطنين، لتبقى الحقيقة المرة: من أين جاءت الأموال التي مكنته من بناء مدينة كاملة في تركيا؟


فلا هو ولا أبوه كانوا من أصحاب الثروات أو الشركات، وما جمعه لم يكن سوى حصيلة الأتاوات والنهب تحت يافطة "القيادة الشعبية"، في وقت يعرف فيه الجميع أن القائد الشعبي الحقيقي هو من يصون مدينته ويحميها، لا من يستولي على ممتلكاتها و يشرعن سرقتها. والأنباء عن استحواذ "جارس حمود سعيد المعيَّن وكيلًا للمحافظة على عمارة التهامي تكشف أن الفضيحة لا تخص حمود سعيد وحده، بل تمتد لتشمل كل من سمح بوجود لص في موقع القرار، بدءًا بالمحافظ وصولًا إلى رئيس الجمهورية.


وهكذا لم تعد تعز اليوم أكثر من ساحة مفتوحة للجريمة والفوضى، بعدما تحوّل البلاطجة إلى رموز وقادة، وفي ظل هذا الواقع تحولت الحالمة إلى مقبرة كبيرة تعيث فيها عصابة المخلافي نهبًا وخوفًا، فيما يُرفع اسم الثورة كستار لجرائم منظمة لا تنتهي.


إن تعز التي قدّمت آلاف التضحيات لا تستحق أن تُختزل في مسرحية الزيف التي يمثلها أمثال حمود سعيد وسالم الدست جامل وعصابت المخلافي ، ولا أن تتحول إلى غنيمة لعصابات حزبية ومسلحة. المسؤولية اليوم تقع على عاتق كل حرّ وصادق أن يكشف هذا الزيف، وأن يطالب بمحاسبة الفاسدين واللصوص، حتى تستعيد المدينة وجهها الحقيقي: مدينة للوعي والثقافة والحرية، لا مقبرة للدم والكرامة.