لن نقول شيئا جديدا عن معاناة الناس ومحنتهم بل ومأساتهم بسبب تأخر صرف المرتبات لأربعة أشهر متتالية؛ فالكل لا يجهلونها لأنهم يعيشون في جحيمها ويتذوقون مرارتها كل ساعة وكل يوم.
غير أن ما يمكن أن نقوله هنا بأن الأمور لا تبشر بخير أبدا؛ وبأن هناك ما هو أكبر من موضوع عدم توفر السيولة لدى البنك المركزي؛ أو التعثر والتباطؤ بالإجراءات المفترضة بين الجهات والأجهزة المعنية في مؤسسات الدولة - وفي ذلك أكثر من دافع وسبب - ولا ينبغي إغفال مثل هذا الأمر الخطير.
لقد سبق لنا التحذير مبكرا بُعيد بدء الإصلاحات التي استبشر الناس بها خيرا؛ من أن شبكات المصالح والنفوذ والفساد المنظم لن تدع الأمور تمر مرور الكرام؛ بعد أن شعرت كل هذه الأطراف بأن مصالحها مهددة؛ وبأن عبثها في طريقه إلى التقلص والزوال.
لأن إرادة التصحيح قائمة وقوية وبأن الدولة عازمة على ضبط الأمور في سوق المال ووضع حد للمضاربة وغسل الأموال وتسهيل حركة النقود بإتجاه المناطق المسيطر عليها من قبل مليشيات الإنقلاب.
ولذلك ولغيره من الأسباب فإن على الجهات المعنية في مجلس القيادة الرئاسي - إن كان بمقدوره ذلك وقادرا على النطق بالحقيقة - وعلى البنك المركزي تحديد موقفه ومسؤوليته إزاء كل ذلك؛ وعلى الحكومة بدرجة رئيسية أن تضع الحقائق كاملة أمام الشعب كتبرئة لذمتها؛ إن لم يكن لها يد في كل ذلك؛ مالم فطوفان الغضب قادم ولن يتأخر.
وبأن عليها لتفادي حدوث ذلك أن تسارع أيضا بإتخاذ التدابير اللازمة لصرف المرتبات ولثلاثة أشهر دفعة واحدة؛ فلم يعد لديها من أعذار بعد أن مرت عشرة أيام على إعتماد الدعم السعودي لموازنة الدولة؛ والمخصصة كما أعلن ذلك للمساعدة في صرف المرتبات وتوفير خدمات الكهرباء والمياة ودعم التعليم والصحة.