آخر تحديث :الأحد-07 ديسمبر 2025-01:34م

شهادة ISO في اليمن.. بين الشعار والواقع والوهم المطبوع

الجمعة - 03 أكتوبر 2025 - الساعة 02:24 م
رأفت رشاد باقي

بقلم: رأفت رشاد باقي
- ارشيف الكاتب



في اليمن لم تعد شهادة الجودة العالمية ISO

9001: 2015 أكثر من لوحة أنيقة على جدار شركة أو شعار مطبوع على ورق فاخر...

شهادة ولدت لتكون نظاما صارما لإدارة الجودة ورفع ثقة المستهلك.. نظم تحولت محليا إلى ديكور إداري يلمع في الإعلانات أكثر مما يلمع في أرض الواقع.


الحصول على ISO في الأصل ليس نزهة ..فجوات تقاس.. سياسات تكتب موظفون يدربون ..تدقيقات داخلية وخارجية ثم رسوم اعتماد باهظة...

الشركات الصغيرة تدفع ما بين 3 آلاف و8 آلاف دولار (وأحيانا أكثر) بينما تصل التكلفة في المؤسسات الكبرى إلى عشرات الآلاف.


لكن في بلد يتنفس أزمات بنية تحتية متهالكة ..سوق متقلص .. تمويل شحيح وثقة مستهلك في الحضيض تصبح هذه التكاليف استثمارا بلا مردود و الأسوأ أن غياب الرقابة الصارمة جعل الشهادة أقرب إلى ختم شكلي يتوقف أثره عند لحظة الاستلام.


خذ قطاع الأغذية مثلا: المستهلك يتوقع أن ISO تعني سلامة المنتج وصلاحيته لكن الواقع أن مصانع ومتاجر عديدة تحمل الشهادة بينما تمارس نفس العشوائية التي يمارسها غيره وفي قطاع البنوك أين التحسن؟ أين سرعة الخدمة؟ أين رضا العميل؟ لا شيء تقريبا فقط شعار أنيق على المطبوعات.


لقد تحولت شهادة ISO في اليمن إلى وسيلة تجميل إداري لا إلى أداة تطوير حقيقي... بيئة اقتصادية هشة غياب طلب حقيقي من المستهلك على الالتزام بالمعايير وجهات اعتماد لا تراقب بجدية… كل ذلك جعل الشهادة هنا أقرب إلى إعلان تجاري باهظ الثمن منها إلى أداة تحسين مستدام.


في الأسواق العالمية شهادة ISO هي رافعة استراتيجية للنمو والتوسع أما في اليمن فهي مجرد حلي إدارية لا تقوى على مواجهة الواقع وما لم تربط برقابة نزيهة وإرادة جادة لتطبيق الجودة يوميا ستظل مجرد وهم مطبوع لا أكثر.



رافت رشاد باقي