آخر تحديث :الأحد-07 ديسمبر 2025-01:08م

محمد الغيثي .- صانع الحضور الجنوبي في السياسة الخارجية

السبت - 04 أكتوبر 2025 - الساعة 05:37 م
سالم الصقري

بقلم: سالم الصقري
- ارشيف الكاتب


من يتابع مسيرة الأستاذ محمد الغيثي يلاحظ إنه مش مجرد سياسي يراغب من بعيد لكنه رجل تحرك وخطى خطوات واسعة في ميدان السياسة الخارجية الجنوبية واللي يعرف طبيعة السياسة الخارجية يدرك إنها ميدان صعب ما يكفي فيه الحماس أو الشعارات بل يحتاج عقل مرتب ذاكرة حاضرة، ودهاء يعرف كيف يفتح الأبواب المغلقة


الغيثي عندما يتحدث مع العالم الخارجي بتلاقيه يتحدث عن الجنوب بلغة واضحة لا يتلعثم، ولا يتردد، ولا يبيع الوهم يطرح القضية الجنوبية كحقيقة راسخة، مش كفكرة هامشية أو مطلب عابر أسلوبه في الحديث يخليك تحس إنك أمام شخص يعرف ماذا يريد بالضبط، ويعرف كيف يوصل رسالته.


تحركات الغيثي الخارجية ما كانت مجرد زيارات بروتوكولية أو صور تذكارية بالعكس، كل لقاء كان له هدف محدد إقناع المجتمع الدولي إن الجنوب لاعب أساسي لا يمكن تجاهله في زمن كانت بعض القوى تحاول طمس الهوية الجنوبية أو اختزالها في شعارات صغيرة، جاء الغيثي ليقول للعالم "هذا الجنوب، وهذه قضيته، وهذه رؤيته لمستقبله".


في أكثر من مناسبة، جلس مع مسؤولين من دول كبرى، وناقش ملفات معقدة مثل الأمن البحري في باب المندب وخليج عدن، وأهمية استقرار الجنوب للأمن الإقليمي والدولي كان يتكلم بلغة المصالح، اللغة اللي يفهمها العالم ما راح يشكي ويبكي بل قدّم الجنوب كحليف يمكن الاعتماد عليه إذا أُعطي حقه


اللافت في تحركاته إنه ما كان يتصرف كردة فعل بل كمخطط كل تحرك خارجي عنده يجي ضمن رؤية كيف يكسب الجنوب اعتراف أكبر كيف يعزز حضوره في طاولة المفاوضات وكيف يفرض وجوده كلاعب صعب تجاوزه وحتى خصومه اعترفوا إنه استطاع يغير قواعد اللعبة ويحول الجنوب من "ملف داخلي" إلى قضية تتداولها المكاتب الدولية


شخصياً عندما اتابع لقاءاته الخارجية أحس إننا أمام شخصية تعرف توازن بين الصلابة والمرونة صلابة في التمسك بالثوابت الجنوبية، ومرونة في كيفية تقديمها للعالم بطريقة حضارية تقنع ولا تنفّر


الغيثي أثبت إن السياسة الخارجية للجنوب تعتبر حياة أو موت لأنه إذا ما كنا موجودين خارجياً فسيقرر الآخرون مصيرنا بالنيابة عنا وفعلياً بفضل تحركاته وتحركات فريقه صار للجنوب صوت مسموع وصار حضوره في المحافل الدولية حقيقة، مش مجرد حلم


في النهاية أقدر أقول محمد الغيثي مش بس سياسي جنوبي بارز لكنه مهندس حقيقي للسياسة الخارجية الجنوبية عرف كيف يفتح أبواب وكيف يضع الجنوب على الخارطة الدولية من جديد ومع تحركاته بدأنا نؤمن إن الجنوب قادر أن يصنع لنفسه مكاناً يليق بتاريخه وتضحياته.