آخر تحديث :الإثنين-03 نوفمبر 2025-11:06م

ثمن الكلمة ومرارة الجحود.

الخميس - 09 أكتوبر 2025 - الساعة 08:46 م
عبدالعزيز علي باحشوان

بقلم: عبدالعزيز علي باحشوان
- ارشيف الكاتب


لماذا نكتب؟

لم نكتب رغبة منا في أن نكتسب الشهرة أو نفوذاً أو تقرباً من السلطة، ورغم أن غالبية الذين يكتبون ليس لهم سوى هذه الأهداف القصيرة المدى، الصغيرة الحجم، إلا أنني أتصور أن الكتابة عمل إنساني تهدف بالدرجة الأولى إلى تنوير الناس وإلى وضع كثير من النقاط فوق كثير من الأحرف، كي تتم المعالجات وتعديل المسارات.

الكتابة ما لم تكن تعبيراً لحق الإنسان في الحرية والتعبير والاعتقاد فهي لا تساوي وزنها ورقاً، وحق التعليم والعمل وحتى حقه في الاختلاف، وهذا الحقوق لا تنفصل ابداً عن المجتمع الذي يحيا فيه البشر وعن طبيعة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية التي تفرز من داخلها شكل السلطة السياسية.


في زمن الأزمة والتردي وزمن الخوف والتخشي فأن من يسمون أنفسهم إعلاميو المنطقة وللأسف منهم من احترف كتابة ما يسمونه السطور الوردية في التلميع والتقديس، والآخر وجد نفسه محترفاً في تجميل وجه قبيح لا تجدي فيه جراحات التجميل، لذلك فأنني وجدت نفسي في صراع من السلطات لا ناقة لي فيها ولا جمل وإنما ضميري وما أشعر فيه.


فالكتابة هي منصة للتعبير عن الذات وتجسيد الموقف بمعنى أن تضع موقفاً واضحاً وحازماً تدافع عنه..، وتنقل صورة واضحة للجهات المعنية، لذا أن تضع نفسك في مواجهات مباشرة مع سلطات أو مؤسسات عسكرية وصراعات داخلية هو ليس هيناً وليس بالأمر السهل، خاصة في مدينة غلب عليها الطابع القبلي وطغت فيها المصالح الشخصية على المصالح العامة.


بكتابتي تمثلت أمام النيابة للمساءلة في ماذا كتبت؟، واقصيت من مهامي كمعلم بسبب اعتراضي عن التزوير، وعزوف بعض علاقاتي نتيجة حرية الرأي والتعبير.

ومازلت أدفع الثمن باهظاً جراء مواقفي عن المداهمات والنزوح القسري للمواطنين، والاتهامات الباطلة الكيدية تجاه القبائل التي تملك تاريخاً في التضحية والنضال، والثكنات العسكرية التي عصفت بالمنطقة وحولت بعض المدارس إلى متارس، وعن أجهزة التنصت الغير شرعية التي طالت القيادات والشخصيات المدنية، ولم يتخاذل قلمي لمن أحبهم من مشايخ المنطقة وسطر موقفاً حينما صنفهم الحاقدون بأنهم شخصيات لا أقل ولا أكثر، والقائمة طويلة لا يتسع المقام لذكرها..


أن تلك المقالات الناقدة الواقدة كان لها وزنا وتأثيراً على الصعيد الداخلي؛ وذلك ما نلاحظه اليوم للمجريات من تعديلات للمسارات الخاطئة مما شكلت استقراراً نوعياً في المنطقة، غير أنها لم تشفع لي بتاتاً ولم تكن في ذاكرتهم إطلاقاً، لما التمسته من جحود ونكران، مع كل هذا وذاك لست نادماً على ما أملاه الضمير وسنظل ثابتين على المبادئ راسخين في القيم.


"ربنا هب لنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا"